الفاخر (صفحة 252)

قال: ولم؟ قالوا: هذا يوم بيئس. وأقبلوا به إلى النعمان، فلما أتاه قال: أبيت اللعن، أتتك بحائن رجلاه. فذهبت مثلاً. فقال له النعمان: أوحين وافق إناه. وعرفه النعمان وكره مكانه ورق له. فقال: أنشدني قولك:

أقفر من أهلِه ملحُوبُ ... فالقطبيَّاتُ فالذنوبُ

فقال عبيد:

أقفرَ من أهلِه عبيدُ ... فاليوم لا يُبدي ولا يعيد

فقال النعمان: أنشدني قولك:

أقفرَ من أهلهِ ملحُوب

فقد كانت تُعجبني من شعرك. قال: حال الجريص دون القريض.

والجريض: الغصص بالريق، وذلك يكون عند الموت. يقال: هو يجرص بريقه إذا تغصص به. فأمر النعمان بقتله.

ويقال إن أول من قال: حال الجريض دون القريض، حابس بن قنفذ الكندي. وكان أبوه قنفذ اشعر قومه. ولم يكن يولد له ولد ذكرٌ إلا قتله خوفاً أن يقول الشعر فيفوقه. فولد له غلام، فطلبت إليه أمه أن يتصدق به عليها. فقال: أخاف أن يقول الشعر. فضمنت له ألا يقول بيتاً. فوهبه لها. وأدرك الغلام فانفجر عليه الشعر فنهته أمه وعلمته أنه إن قرض بيتاً واحداً قُتل. فامتنع من القول، فأمرضه فمه بذلك. فلما اشتد مرضه دخل عليه أبوه فسأله عن سبب مرضه، فقال: شعر كثير خفتك أن أتكلم به. فقال له أبوه: قل ما شئت. فقال حابسٌ: حال الجريض دون القريض. فذهبت مثلاً، ثم أنشأ يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015