شجا أظعانُ غاضرة الغوادي ... بغيرِ مشيئة عرضاً فؤادي
ويقال: إن أصل الشجا: عظيم يعترى الحلق فيغص صاحبه بالطعام والشراب. وربما قتله. يقال: شجي الرجل يشجى شجاً: إذا أصابه ذلك. ثم كثر حتى صار الحزن شجاً، وقال سويد بن أبي كاهلٍ اليشكري:
ويراني كالشجَا في حلقِه ... عسراً مخرجُه ما يُنتزَعْ
والخلي: الذي ليس به حزن. فهو يعذل الشجي ويلومه فيؤذيه. ويقال: إن أول من قال ذلك فيما ذكر المدائني ومحمد بن سلام الجمحي: أكثم بن صيفي التميمي.
وكان من حديث ذلك أنه لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ودعا إلى الإسلام بعث أكثم بن صيفي ابنه حبيشاً فأتاه بخبره، فجمع بني تميم وقال: يا بني تميم لا تُحضروني سفيهاً، فإنه من يسمع يخل؛ إن السفيه يوهن من فوقه ويثبط من دونه. ولا خير في من لا عقل له. يا بني تميم: كبرت سني ودخلتني ذلة، فإذا رأيتم مني حسناً فأقبلوه، وإن رأيتم مني غير ذلك فقوموني أستقم. إن ابني شافه هذا الرجل "صلى الله عليه وسلم" مشافهة، وأتاني بخبره وكتابه، يأمر فيه بالمعروف، وينهي عن المنكر ويأخذ بمحاسن الأخلاق، ويدعو إلى توحيد الله تعالى، ويخلع الأوثان ويترك لحلف بالنيران. وقد عرف ذوو الرأي منكم أن الفضل فيما يدعو غليه، وأن الرأي ترك ما ينهي عنه. إن أحق الناس بمعونة محمد صلى الله عليه وسلم ومساعدته على أمره أنتم، فإن يكن الذي يدعو إليه حقاً فهو لكم دون الناس، وإن يكن باطلاً كنتم أحق الناس بالكف عنه والستر عليه، وقد كان أسقف نجران يحدث بصفته،