فاجتبَّ مذ كيره فمات. فوثب حنبص على بني عبس فقال: عن غطفان قتلت أخي فدوه فقال قيس: والله إن يدي مع أيديكم على غطفان ومع هذا فإنما وجده اليهودي مع امرأته. فقال حنبصُ: والله لو قتلته الريح لوديتموه. فقال قيس لبني عبس: دُوه والحقوا بقومكم، فالموت في غطفان خير من الحياة في بني عامر، وقال قيس:
لحَا الله قوماً أرشُوا الحربَ بيننَا ... سقوْنا بها كأساً من الماءِ آجنَا
أكلَّفُ ذَا الخُصييْن إن كان ظالماً ... وإن كانَ مظلوماً وإن كان شاطِنَا
فهلاَّ بني ذبيان أمك هابلٌ ... رهنْتَ بفيفِ الريحِ إن كنت راحنَا
فلما ودت عبسٌ أخا حنبص خرجت حتى نزلت بالحارث بن عوف بن أبي حارثة وهو عند حصن بن حذيفة، فجاء بعد ساعة من الليل. فقيل هؤلاء أضيافك ينتظرونك. قال: بل أنا ضيفهم. فحياهم وهش إليهم وقال: من القوم؟ قالوا: إخوتك بنو عبس، وذكروا ما لقوا وأقروا بالذنب. فقال: نعم وكرامة لكم، أُكلِّم حصناً. فرجع إليه. فقيل لحصن هذا أبو أسماء. قال: مارده إلا أمرٌ. فدخل الحارث فقال: طرقت بي حاجة يا أبا قيس. قال: أعطيتها. قال: بنو عبسٍ وجدتُ وفودهم في منزلي. فقال حصن: صالحوا قومكم، أما أنا فلا أدى ولا أتدى، قد قتلت بأبي وعمومتي عشرين من بني عيس فما أدركت دماءهم.
ويقال: انطلق الربيع وقيس إلى يزيد بن سنان بن أبي حارثة، وكان فارسي بني ذبيان، فقالا: أنعم ظلاماً أبا ضَمْرَة. قال: نعم ظلامكما! فمن أنتما؟ قالا: الربيع وقيس. قال: مرحبا. قالا: أردنا أن نأتي أباك فتعيننا عليه لعله يلم الشعث ويرأب