يقف على رؤوسكم؟ قالوا: قالوا: قيس والربيع. قال: فهذا قيس قد جاءكم. فلم ينقضِ كلامه حتى وقف قيس وأصحابه على شفير الجفر، وقيس يقول: لبيكم لبيكم، يعني الصبية. وفي الجفر حذيفة ومالك وحمل بنو بدر. فقال حمل: نشدتك الرحم يا قيس! فقال قيس: لبيكم. فقال حذيفة: لئن قتلتني يا قيس لا تصلح غطفان أبداً. قال قيس: أبعدك الله، قتلك خير لغطفان، سيربع على قدره كل سيدٍ ظلوم. وجاء قرواش بن هني من خلف حذيفة، فقال له بعض أصحابه: احذر قرواشاً، وكان قد رباه فظن أنه سيشكر ذاك له، فقال: خلوا بين قرواش وظهري. فنزع قرواش له بمعبلةٍ فقصم بها صلبه وابتدره الحارث بن زهير وعمرو بن الاسلع فضرباه بسيفيهما حتى دففا عليه. وأخذ الحارث بن زهيرٍ ذا النون سيف حذيفة، وقال إنه كان سيف مالك بن بدرٍ بسهم فقتله، وكان زيد بن مالك نذر ليقتلن بابنه رجلاً من بني بدرٍ، فأحل به نذره، وقتل مالك بن الأسلع الحارث بن عوف بن بدر بابنه. واستصغروا عيينة بن حصنٍ فخلوا سبيله. وقتل الربيع بن زيادٍ حمل بن بدرٍ فقال قيس بن زهيرٍ يرثيه:
تعلَّمْ إنَّ خيرَ الناسِ طُراً ... على جفرِ الهباءة ما يريمُ
ولولا ظلمُهُ ما زلتُ أبكي ... عليهِ الدهرَ ما طلعَ النجومُ
ولكنَّ الفَتَى حملَ بنَ بدرٍ ... بغَى والبغْىُ مرتعُهُ وخيمُ
أظنُّ الحلمَ دلَّ على قومي ... وقدْ يُستجهلَ الرجلُ الحليمُ