ثم قالت: يا عروس الأعراس الأزهر، الطيب الخيم الكريم العنصر. مع أشياء ليس تذكر. قال: وما تلك الأشياء؟ قالت: كان عيوفاً للخنا والمنكر، طيب النكهة غير أبخر، أير غير أعسر. فعرف أنها تعرض به. فلما رحل بها قال: أيتها المرأة ضُمَّى عطرك. ونظر إلى قشوةٍ فيها عطرها مطروحة. فقالت: لا عطرَ بعد عروسٍ. فذهبت مثلاً.
أول من قال ذلك الحُطيئة. وكان ورد الكوفة فلقى رجلاً فسأله عن فتى المصر نائلاً، فقال: عليك بعتيبة بن النهاس العِجلى. فمضى نحو داره فصادفه، فقال له: أنت عتبة؟ قال: لا. قال: أفأنت عتَّاب؟ قال: لا. قال: إن اسمك لبيه بذلك. قال: أنا جرول. قال: ومن جرول؟ قال: أبو مُليكة. قال: والله ما ازددت إلا جهلاً بك. قال: أنا الحطيئة. قال: مرحباً بك. قال الحطيئة: فحدثني عن اعر الناس من هو؟ قال: أنت. قال الحطيئة: خالف تذكر. بل اشعر مني الذي يقول:
ومنْ يجعلِ المعروفَ منْ دونِ عرضِه ... يقرْهُ ومنْ لا يتقِ الشتمَ يُشتمِ
ومن يَكُ ذا فضلٍ فيبخَلْ بفضلِهِ ... على قومهِ يُستغنَ عنه ويُذممِ
قال: صدقت. فما حاجتك؟ قال: ثيابك هذه، فإنها قد أعجبتني. وكان عليه مطرف خزٍ وعمامة خزٍّ. فدعا بثيابٍ فلبسها ودفع ثيابه إليه. ثم قال له: حاجتك أيضاً. قال: ميرة أهلي من حبٍ وتمرٍ، وكسوتهم. فدعا عوناً له