رَهْطاً من قومك بالسَّمُرات من قرون بقر فأدركوهم، فمن كان حياً فعالجوه ومن كان ميتاً فأجِنّوه. ثم انصرف. ولحق سارية بالقوم فاحتملهم وقد مات ثَوْر بن أبي سمعان. وهذا الخبرجرَّ قَتْل توْبة.
قال ابن الكلبي: كان لأهل الرَّس نبيٌّ يقال له حنظلة بن صفوان، وكان بأرضهم جبل يقال له دَمْخٌ مَصْعَدهُ في السماء ميلٌ. فكانت تنتابه طائرةٌ كأعظم ما يكون، لها عُنُقٌ طويلةٌ. من أحسن الطير، فيها من كل لون، وكانت تقع منتصبة. فكانت تكون على ذلك الجبل تنقّضُّ على الطير فتأكلها. فجاعت ذات يوم وأعوزها الطيرُ فانقضّت على صبي فذهبت به، فسميت عنقاءُ مُغرِب بأنها تُغرب بكل ما أخذته. ثم إنها انقضت على جاريةٍ حين ترعرعت فأخذتها فضمتها إلى جناحين لها صغيرين سوى جناحيها الكبيرين ثم طارت بها. فشكوْا ذلك إلى نبيِّهم. فقال: اللهم خُذها واقطع نسلها وسلّط عليها آفةً، فأصابتها صاعقةٌ فاحترقت. فضربتها العرب مثلاً في أشعارها. وأشد لعنترة بن الأخرس الطائي في مرثيّة خالد بن يزيد بن معاوية:
لَقَد حَلَّقَتْ بالجَوِّ فَتْخَاءُ كاِسِرٍ ... كَعَنْقَاءِ دَمْخٍ حَلَّقَتْ بالحَزَوَّرِ
فما إنْ لها بَيْضٌ فَيُعْرَفُ بَيْضُها ... ولا شِبْهُ طَيْرٍ مُنْجِدٍ أو مُغَوِّرِ