وَقد مرَّ الْكَلَام فِيمَا يقْصد بِمثل هَذِه الْأَدْعِيَة.

وسد ذكر عِنْده شُرَيْح الْحَضْرَمِيّ فَقَالَ: ذَلِك رجل لَا يتوسد الْقُرْآن. يُحتمل أَن يكون مدحا [949] لَهُ ووصفاً بِأَنَّهُ يعظم الْقُرْآن ويُجله ويداوم على قِرَاءَته لَا كمن يمتهنه ويتهاون بِهِ ويخل بِالْوَاجِبِ من تِلَاوَته. وَضرب توشده مثلا للْجمع بَين امتهانه والاطراح لَهُ ونسيانه. وَأَن يكون ذمًّا ووصفا بِأَنَّهُ لَا يلازم تِلَاوَة الْقُرْآن وَلَا يواظب عَلَيْهَا وَلَا يكبُّ مُلَازمَة نَائِم لوساده وإكبابه عَلَيْهَا. فَمن الأول قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا توسَّدوا الْقُرْآن واتلوه حقَّ تِلَاوَته وَلَا تستعجلوا ثَوَابه فَإِن لَهُ ثَوابًا. وَقَوله: من قَرَأَ ثَلَاث آيَات فِي لَيْلَة لم يبت متوسداً لِلْقُرْآنِ. وَمن الثَّانِي: مَا يرْوى أَن رجلا قَالَ لأبي الدَّرْدَاء: إِنِّي أُرِيد أَن أطلب الْعلم فأخشى أَن أضيعه. فَقَالَ: لِأَن تتوسد الْعلم خيرٌ لَك من أَن تتوسد الْجَهْل.

وسم إِن رجلا من الْجِنّ أَتَاهُ فِي صُورَة شيخ فَقَالَ: إِنِّي كنت آمُر بإفساد الطَّعَام وَقطع الْأَرْحَام وَإِنِّي تائب إِلَى الله. فَقَالَ: بئس لعمر الله عمل الشَّيْخ المتوسِّم والشاب المتلوّم. قَالُوا: المتوسم المتحلي بسمة الشُّيُوخ. والمتلوِّم: المتعرِّض للائمة بِالْفِعْلِ الْقَبِيح. وَيجوز أَن يكون المتوسم: المتفرس يُقَال: توسَّمت فِيهِ الْخَيْر إِذا تفرَّسته فِيهِ وَرَأَيْت فِيهِ وسمه أَي أَثَره وعلامته. المتلوم: المنتظر لقَضَاء اللومة وَهِي الْحَاجة واللؤامة مثلهَا وَنَظِيره المتحوج من الْحَاجة قَالَ عنترة: ... فوقَفْتُ فِيهَا نافتى وكأنّها ... فَدَنٌ لأقضِيَ حاجةَ المتلوِّمِ ... وَقَالَ العجاج:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015