وَمن ذَلِك حَدِيث أبي بردة رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّه ذكر قوما يعتزلون الْفِتْنَة فَقَالَ: عِصَابَة ملبدة خماص الْبُطُون من أَمْوَال النَّاس خفاف الظُّهُور من دِمَائِهِمْ. أَي لاصقة بِالْأَرْضِ من فَقرهمْ. وَمِنْه حَدِيث قَتَادَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذين هم فِي صَلاَتهم خاشعون} . قَالَ الْخُشُوع فِي الْقلب وإلباد الْبَصَر فِي الصَّلَاة. أَي لزمَه مَوضِع السُّجُود. وَيجوز أَن يكون من قَوْلهم: ألبد رَأسه إلبادا إِذا طأطأه عِنْد دُخُول الْبَاب. وَقد لبدا هُوَ لبودا أَي طأطأ الْبَصَر وخفضه. وَعَن حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه ذكر الْفِتْنَة فَقَالَ: فَإِذا كَانَ كَذَلِك فالبدوا لبود الرَّاعِي على عَصَاهُ خلف غنمه. أَي اثبتوا وألزموا مَنَازِلكُمْ كَمَا يعْتَمد الرَّاعِي على عَصَاهُ ثَابتا لَا يبرح.
لب الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ضَربته أمه صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب. فَقيل لَهَا: لم تضربينه فَقَالَت: لكَي يلب ويقود الْجَيْش ذَا الجلب. الْمَازِني عَن أبي عُبَيْدَة: لب يلب بِوَزْن عض يعضّ إِذا صَار لبيباً هَذِه لُغَة أهل الْحجاز وَأهل نجد يَقُولُونَ: لبَّ يلبّ بِوَزْن فرَّ يفر. الجلب: الصَّوْت يُقَال: جلب على فرسه جلبا. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَتَى الطَّائِف فَإِذا هُوَ يرى التيوس تلب أَو تنب على الْغنم خافجة كثيرا. فَقَالَ لمولى لعَمْرو بن الْعَاصِ يُقَال لَهُ هُرْمُز: يَا هُرْمُز مَا شَأْن مَا هَا هُنَا ألم أكن أعلم السبَاع هُنَا كثيرا. قَالَ: نعم وكنها عقدت فَهِيَ تخالط الْبَهَائِم وَلَا تهيجها. فَقَالَ: شعب صَغِير من شعب كَبِير. نبّ التَّيس ينب نبيباً إِذا صوّت عِنْد السِّفاد. وَأما لبَّ فَلم أسمعهُ فِي غير هَذَا الحَدِيث وَلَكِن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال لجلبة الْغنم لبالب وَأنْشد أَبُو الْجراح: