الْحَج أَنه كلامان. كَأَنَّهُ قَالَ كذب يَعْنِي رجلا ذمّ إِلَيْهِ الْحَج ثمَّ هيج الْمُخَاطب على الْحَج فَقَالَ: عَلَيْك الْحَج. هَذَا وَعِنْدِي قَول هُوَ القَوْل وَهُوَ أَنَّهَا كلمة جرت مجْرى الْمثل فِي كَلَامهم وَلذَلِك لم تصرف ولزمت طَريقَة وَاحِدَة فِي كَونهَا فعلا مَاضِيا مُعَلّقا بالمخاطب لَيْسَ إِلَّا. وَهِي فِي معنى الْأَمر كَقَوْلِهِم فِي الدُّعَاء: رَحِمك الله وَالْمرَاد بِالْكَذِبِ التَّرْغِيب والبعث. من قَول الْعَرَب: كَذبته نَفسه إِذا منته الْأَمَانِي وخيلت إِلَيْهِ من الآمال مَالا يكَاد يكون. وَذَلِكَ مَا يرغب الرجل فِي الْأُمُور ويبعثه على التَّعَرُّض لَهَا. وَيَقُولُونَ فِي عكس ذَلِك: صدقته نَفسه إِذا ثبَّطته وخيَّلت إِلَيْهِ المعجزة والنكد فِي الطّلب. وَمن ثمت قَالُوا للنَّفس الكذوب. قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: يُقَال للرجل يتهدد الرجل ويتوعده ثمَّ يكذب ويكعّ: صدقته الكذوب وَأنْشد: ... فأَقْبَلَ نَحْوِي على قُدْرَةٍ ... فلمَّا دَنَا صَدَّقَتْهُ الكذوب ... وَأنْشد الْفراء: ... حَتَّى إِذَا مَا صَدَّقَتْه كذبه

أَي نفوسه جعل لَهُ نفوسا لتفرق الرَّأْي وانتشاره. فَمَعْنَى قَوْله: كَذبك الْحَج ليكذبك أَي لينشطك وَيَبْعَثُك على فعله. وَأما كذب عَلَيْك الْحَج. فَلهُ وَجْهَان: أَحدهمَا: أَن يضمَّن معنى فعل يتَعَدَّى بِحرف الاستعلاء أَو يكون على كلامين كَأَنَّهُ قَالَ: كذب الْحَج. عَلَيْك الْحَج أَي ليرغبك الْحَج هُوَ وَاجِب عَلَيْك فأضمر الأول لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ. وَمن نصب الْحَج فقد جعل عَلَيْك اسْم فعل وَفِي كذب ضمير الْحَج.

كذب الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حمل يَوْم اليرموك على الرّوم وَقَالَ للْمُسلمين: إِن شددت عَلَيْهِم فَلَا تُكذِّبوا. التَّكْذِيب عَن الْقِتَال: ضد الصدْق فِيهِ وَيُقَال: صدق الْقِتَال إِذا بذل فِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015