للنبي. وقيل: لم يقع. وتوقف فيه الشافعي - رضي الله عنه -.
الممتنع:
(أ) أنه لم يؤمن من اختيار العبد المفسدة، والأحكام للمصالح.
(ب) أنه إن كان مصلحة قبل اختيار المكلف: لزم أن يصيب بالاتفاق في الأمور الكثيرة، إذ لا فرق بين القليل والكثير إجماعا، لكنه غير جائز، وإلا: لجاز أن يقال للأمي: (اكتب المصحف فإنك لا تكتب إلا: ما طابق خطه) وللجاهل: (أخبر ما شئت فإنك لا تخبر إلا: بالصدق)، ولبطل دلالة الاتفاق على علم فاعله. ولكان تكليفا بالفعل قبل العلم أو الظن بحسنه، وهو ممتنع، إذ قصد الفعل إنما يحسن إذا حصل ذلك، وقوله افعل فإنك لا تفعل إلا الحسن)، يقتضي أن يكون المميز بين الحسن والقبيح فعله، وبعده بسقط التكليف.
ولجاز في أصول الدين وتبليغ الأحكام بلا وحي وفي تصديق الأنبياء وتكذيب المتنبئ ولجاز في حق العامي، بجامع الأمن من الوقوع في الخطأ. وإلا: فإن حصلت المصلحة باختياره - لم يكن ذلك تكليفا، إذ يصير معناه: إن شئت افعل، وإن شئت لا تفعل، ولأنه لا يمكنه الانفكاك عن الفعل والترك، والتكليف بما لا ينفك عنه غير جائز، وإلا فالتكليف به:
تكليف بما لا مصلحة فيه، ولا مفسدة، وهو غير جائز، لما سبق.
وأجيب:
عن (أ) بمنع وجوب تعليل الأحكام بالمصالح، ثم بمنع جواز الخطأ عليه، لما قيل له ذلك.
وعن (ب) ما سبق، ثم بمنع أن الاتفاقي لا يكون أكثريا، وهذا لأن جوازه مرة يفيد جوازه مرارا، لأن حكم الشيء حكم مثله. وما ذكر من الأمثلة - إن لم يكن بينها وبين المنازع فرق - منعنا الحكم فيها، وإلا: امتنع القياس، على أنه لا يفيد اليقين. ثم لا نسلم امتناع ما يكون اتفاقيا من وجه دون وجه، كما هو هنا، فإنه اتفاقي من حيث المصلحة، ومعلوم السبب من حيث إنه لا يتأتى إلا بالمصلحة، على إن الإجماع على عدم الفرق بين القليل والكثير - ممنوع.
وبه خرج الجواب عن الملازمة الثانية، فإنه اتفاقي بجميع جهاته ولأنا لا نجوز اتفاقه، ولو مرة