وأجيب:
بأن تخصيص العلة جائز. وإن كان لمانع - وهو يقتضي ذلك.
قالت الحنفية والحنابلة بالاستحسان. وأنكره الباقون: قال الشافعي: (من استحسن فقد شرع). ولا بد من فهمه قبل الخوض. فنقول: إن عنى به الحكم بما يستحسنه عقل المجتهد، أو بهواه - وهو المتبادر إلى الفهم منه - فبطلانه ظاهر، وإلا: فيبين لننظر فيه.
فقيل: (هو دليل ينقدح في نفس المجتهد، لا يقدر على التعبير عنه، لعدم مساعدة العبارة)، كالمقوم، فإنه قد لا يقدر على تعبير ما يفيده ظن زيادة القيمة.
وزيف: أن المدارك معينة بتعيين الشارع، وهو لا يتصور فيما لا يمكن أن يعبر عنه، ولأن كل معنى محقق يمكن التعبير عنه بحقيقة أو مجاز أو مركب، بخلاف التقويم، فإن ما يفيد ظن زيادة القيمة غير معين من جهته، ولا هو معنى محقق، ولأنه إ تقطع بكونه دليلا جاز التمسك به وفاقا، وإلا: فهو رد وفاقا، فالنزاع - حينئذ - لفظي.
وقيل: (هو العدول عن موجب قياس إلى قياس أقوى منه)، وهذا لا خلاف فيه، ولا يجوز تفسير الاستحسان المختلف فيه به. ثم إنه غير جامع، إذ نصوا على أن القياس في قوله: "مالي صدقة" أن يتصدق بجميع ماله، فالاستحسان أن يختص بمال الزكاة، لقوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: آية 103]، وليس هو بقياس، وكذا استحسانهم عدم وجوب القضاء على من كان ناسيا. وقيل: (هو تخصيص) قياس بأقوى منه. وهو راجع إلى تخصيص العلة، وقد عرف ما فيه من الخلاف ولأنه يكون لفقد شرط، أو وجود مانع، ودليلهما قد يكون أضعف من القياس.
الكرخي: (هو العدول عن الحكم في مسألة بمثل حكمه في نظائرهما إلى خلاف، لوجه