والثاني: لأنها تفيد - حينئذ - أن تبيين معانيها متأخر عن أحكامها، ولا يفيد تأخره عن نزولها، فلعل الأحكام قبل نزولها، وهو معه.
وأجيب: عن (أ) بأنها تقتضي أن يكون آية حالة الفصل، وهو ينفي ما ذكرتم.
وعن (ب) أن المجاز خير من الإضمار سلمناه لكن ما ذكرناه أولى، لإفادته إفادة شرعية، ولكونه غير معلوم بالضرورة.
وعن (ج) التراخي عن أحكامها أعم من أن يكون قبل نزولها، أو بعده، والتقييد خلاف الأصل، وتقييده بما قبل حضور وقت العمل - خلاف الإجماع.
(ج) وهو المعتمد - أن وقوعه معلوم بالضرورة بعد الاستقراء، فإنا نعلم قطعا - بعد الاستقراء أن الرسول عليه السلام - ما بين جميع ما يرفع الإجمال عن آية الصلاة والحج، والزكاة والبيع، والربا، والنكاح، والإرث، والغنائم، والقصاص، والسرقة، والزنا - وقت نزولها، (فإن) كثيرا منه إنما بين عند السؤال عنه.
(د) بأن امتناعه لذاته، أو لإفضائه إلى محال بالضرورة - باطل قطعا، ومعارض بمثله، وبالنظر - أيضا - باطل، إذ ليس في أدلة الخصم ما يعول عليه، لما نبين، والأصل عدم غيره، وهو مسلك القاضي في كثير من المسائل.
وأورد: بأن التمسك بالأصل في العلمية ضعيف، وعدم الوجدان لا يدل على العدم، سلمناه، لكن عدم الدليل لا يدل على عدم المدلول.
(هـ) أنه لو امتنع، لامتنع البيان بكلام وفعل طويل، وامتنع تأخيره بزمان قصير، وبجمل معطوفة للتجهيل، والعبث المحذور (عنه).
وزيف: يمنع الملازمة، فإنه إنما يجوز بذلك إذ لم يمكن بأقصر منه، أو لمصلحة ظاهرة فيه، وإنما يجوز بزمان أقصر إذا لم يعد ذلك انقطاعا عن الأول، و - حينئذ - لا يجوز للسامع أن يعتقد ظاهره، فلا يوجد فيه المحذور، والجمل المعطوفة كالجملة الواحدة، فالاستثناء عقبها استثناء عقيب كل منها.