والله أعلم.
المذهب الثاني: أن المكلف به في النهي فعل ضد المنهي عنه فإذا قال: لا تتحرك، فمعناه افعل ما يضاد الحركة، وحكي هذا عن الجمهور، وضعف بأن النهي قسيم الأمر، والأمر طلب الفعل، فلو كان النهي طلب فعل الضد لكان أمراً، ولكان النهي من الأمر، وقسيم الشيء لا يكون قسيماً منه.
الثالث وبه قال أبو هاشم: أنه انتفاء الفعل، فالمكلف به في قولنا: (لا تتحرك) نفس أن لا يفعل، وهو عدم الحركة.
الرابع: أنه يشترط في امتثال النهي قصد ترك المنهي عنه، وهل يكتفى بنية ترك المنهيات في الجملة، أو لا بد من نية خاصة في كل منهي؟
فيه نظر، وهذا القول/ (21/ أ/ م) غير معروف، ومقتضاه أنه إذا لم يقترن بالترك قصد يأثم وهو بعيد، والمتجه نفي الثواب فقط، والمعروف قول مفصل بين الترك المجرد المقصود لنفسه/ (18/أ/د) من غير أن يقصد معه ضده كالصوم، فالمكلف به فيه الفعل، ولهذا وجبت فيه النية، وبين الترك المقصود من جهة إيقاع ضده كالزنا، فالمكلف به فيه الضد، وهذا هو ظاهر كلام الغزالي في (المستصفى).
ص: والأمر عند الجمهور يتعلق بالفعل قبل المباشرة بعد دخول وقته إلزاماً وقبله إعلاماً، والأكثر يستمر حال المباشرة، وقال إمام الحرمين والغزالي: ينقطع، وقال قوم: لا يتوجه إلا عند المباشرة، وهو التحقيق، فالملام قبلها على التلبس بالكف المنهي.
ش: هذه المسألة في وقت توجه الأمر للمكلف، وهي كما قال القرافي أغمض مسألة في أصول الفقه مع قلة جدواها، وأنه لا يظهر لها ثمرة في الفروع، وفيها للأشاعرة مذاهب.
الأول: أنه يتوجه قبل مباشرة الفعل بعد دخول وقته على سبيل الإلزام