وقبله على سبيل الإعلام، ثم اختلف هؤلاء في أنه يستمر حال المباشرة أو ينقطع، فالأكثرون على الأول.
واعتمد المصنف في نقل هذه عن الجمهور قول الآمدي: اتفق الناس على جواز كون الفعل مأموراً به قبل حدوثه، سوى شذوذ من أصحابنا، وعلى امتناع كونه كذلك بعد حدوثه، واختلفوا في جواز كونه كذلك، وقت حدوثه، فأثبته أصحابنا، ونفاه المعتزلة، وبه يشعر كلام الغزالي انتهى.
وقال آخرون: ينقطع توجه التكليف حال المباشرة، وحكاه المصنف عن إمام الحرمين والغزالي، وهو المذهب الثاني.
والمذهب الثالث: أنه لا يتوجه قبل المباشرة أصلاً، ولا يتوجه إلا عندها، وادعى المصنف أن هذا هو التحقيق، وحكاه عن الأشعري، واختاره الإمام فخر الدين والبيضاوي وغيرهما، وقال الصفي الهندي: وهو الذي يدل عليه صريح نقل الإمام الرازي عن الأصحاب، قال: ونقل إمام الحرمين في مذهب أصحاب الشيخ ما يقتضي أنه ليس بمأمور به قبل حدوثه، وهو الذي/ (21ب/م) يقتضيه أصلهم: أن الاستطاعة مع الفعل لا قبله، لكن أصلهم الآخر وهو جواز التكليف بالمحال يقتضي جواز الأمر بالفعل حقيقة قبل الاستطاعة، فعلى هذا يكون المأمور مأموراً قبل التلبس بالفعل، والمأمور به مأمور به قبل حدوثه، لكن لعلهم فرعوا هذا على استحالته، أو وإن قالوا بجوازه، لكنهم قالوا ذلك بناء على عدم وقوعه، انتهى.
وقوله: (فالملام قبلها) إلى آخره، جواب عن سؤال مقدر على هذا القول الأخير، تقديره: أن القول به يؤدي إلى سلب التكاليف، فإنه يقول: لا أفعل حتى أكلف، والفرض أنه لا يكلف حتى يفعل، وجوابه أنه قبل المباشرة متلبس بالترك وهو فعل، فإنه كف النفس عن الفعل، فقد باشر الترك، فتوجه إليه التكليف بترك الترك حالة مباشرته للترك، وذلك بالفعل، وصار الملام على ذلك، وهذا/ (18ب/د) جواب نفيس أشار إليه إمام الحرمين في مسألة تكليف ما لا يطاق، وأما المعتزلة فإنهم متفقون على توجه التكليف قبل