تَعَذَّرَ فَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا لاَ يَقْدِرُ عليه.

وجمَعَ المُصَنِّفُ بَيْنَ طَرِيقَتَيِ الأُصُولِيِّينَ وَالفقهَاءِ فَتَبِعَ الأُصُولِيِّينَ فِي تفسيرِهَا بِالندمِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ النّدمَ لاَ يَتَحَقَّقُ إِلا بِبَقِيَّةِ الأُمُورِ التي اعْتَبَرَهَا الفُقَهَاءُ.

قَالَ الوَاسِطِيُّ: وكَانَتِ التّوبةُ فِي بَنِي إِسرَائيلَ بقتلِ النّفسِ، كمَا قَالَ تعَالَى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} قَالَ: فكَانَتْ توبتُهم إِفنَاءَ أَنْفُسِهِمْ، وَتَوْبَةَ هذه الأُمَّةِ أَشدُّ وهي إِفنَاءُ نفوسِهِمْ عَن مُرَادِهَا مَعَ بقَاءِ رُسومِ الهيَاكلِ، وَمَثَّلَهُ بعضُهم بِمَنْ أَرَادَ كَسْرَ لَوْزَةً فِي قَارُورَةٍ، وذلك مَعَ عُسْرِهِ يَسِيرٌ علَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ تعَالَى عليه.

ص: وَتَصِحُّ وَلَوْ بَعْدَ نَقْضِهَا عَنْ ذَنْبٍ ولو صَغِيرًا مَعَ الإِصرَارِ علَى آخَرَ وَلَوْ كبيرًا عِنْدَ الجُمْهُورِ.

ش: فِيهِ مسَائلُ:

الأُولَى: مَنْ تَابَ ثُمَّ نقضَ التّوبةَ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ التّوبةِ المَاضِيةِ، وعليه المبَادرةُ إِلَى تجديدِ التَّوْبةِ مِنَ المعَاودةِ، قَالَ تعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التّوَّابِينَ} وهذه صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ لاَ تُطْلَقُ إِلا علَى مَنْ أَكْثَرَ التَّوْبَةِ.

وفِي الحديثِ: ((مَا أَضَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَلَوْ عَادَ فِي اليومِ سَبْعِينَ مَرَّةً)).

وخَالَفَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ فقَالَ بَانْتِقَاضِ تَوْبَتِهِ الأَولَى، فَيُؤََاخَذُ بِذَلِكَ الذَّنْبِ/ (261/ب/م) الذي تَابَ منه.

الثَانِيَةُ: تَجِبُ التّوبةُ مِنَ الصّغَائرِ كَالكبَائرِ خِلاَفًا لأَبي هَاشمٍ، ولم يَسْتَحْضِرْ إِمَامُ الحَرَمَيْنِ فِي (الإِرشَادِ) مخَالفتَه فِي ذَلِكَ، فحَكَى الإِجمَاعُ علَى الأَوَّلِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015