وأَشَارَ فِي (الطَّوَالِعِ) إِلَى أَنَّ البحثَ لَفْظِيٌّ.
ص: وأَنَّ النِّسَبَ وَالإِضَافَاتِ أُمُورٌ اعتبَاريةٌ لاَ وُجُودِيَّةٌ.
ش: هذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ، لَكِنِ اسْتَثْنَوا مِنْ ذَلِكَ الأَيْنَ كَمَا/ (252/أَ/م) فِي (الطَّوَالِعِ) وَغَيْرِهِ، وهو حُصُولُ الجِسْمِ فِي المكَانِ؛ فَقَالُوا بِوُجُودِهِ فِي الْخَارِجِ، وقَالَتِ الفلاَسفةُ: هي وُجُودِيَّةٌ.
ص: وأَنَّ الْعَرَضَ لاَ يقومُ بِالعَرَضِ ولاَ يَبْقَى زَمَانَيْنِ ولاَ يَحِلُّ مَحَلَّيْنِ.
ش: فِيهِ مَسَائِلُ:
الأَولَى: أَنَّ الْعَرَضَ ـ وهو مَا لا يَقُومُ بِنَفْسِهِ، ومَا يَفْتَقِرُ فِي وُجُودِهِ إِلَى مَحَلٍّ يَقُومُ بِهِ كَالحركةِ وَالسُّكُونِ، وَالبَيَاضِ وَالسَّوَادِ ـ لاَ يقومُ بِالعَرَضِ؛ لأَنَّ الْعَرَضَ مَا لاَ يقومُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَحْتَاجُ إِلَى مَحَلٍّ يقومُ بِهِ كَالْجِسْمِ؛ فَلَوْ قَام َالْعَرَضُ بِعَرَضٍ لَكَانَ الْمَحَلُّ جَوْهَرًا، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَرَضًا لاَ عَرَضًا وجِسْمًا لاَ جِسْمًا، وهو مُحَالٌ.
وجَوَّزَتِ الفلاَسفةُ قِيَامَ الْعَرَضِ بِالْعَرَضِ، وَاختَارَهُ الإِمَامُ فِي (المَحْصُولِ) لأَنَّ السُّرْعَةَ وَالْبُطْءِ عَرَضَانِ قَائمَانِ بِالحركةِ، ولَيْسَا بِقَائِمَيْنِ بِالجِسْمِ؛ إِذْ يُقَالَ: جسمٌ بَطِيءٌ فِي حركتِهِ، ولاَ يُقَالُ: بَطِيءٌ فِي جِسْمِيَّتِهِ.
وأَجَابَ الأَوَّلُونَ بِأَنَّ السُّرْعَةَ وَالْبُطْءِ قَائمَانِ بِالْمُتَحِرِّكِ بِوَاسِطَةِ الحركةِ لاَ بِنَفْسِ الحركةِ؛ فَالأَعرَاضُ إِنَّمَا تقومُ بِالجوَاهرِ، لَكِنْ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِلاَ وَاسطةٍ، كَالحركةِ وَقَدْ يَكُونُ بِوَاسطةٍ كَالسرعةِ قَامَتْ بِالجوهرِ بِوَاسطةِ الحركةِ.