لِذلكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الخِلاَفَ فِي ذَلِكَ لَفْظِيٌّ؛ لاتفَاقِهِمَا علَى أَنَّ أَمْرَ الخَاتمةِ مَجْهُولٌ، وأَنَّ الاعتقَادَ الحَاضِرَ يَضُرُّهُ أَدْنَى تَرَدُّدٍ، وأَنَّ الانتفَاعَ بِهِ مَشْرُوطٌ بِالْمُوَافَاةِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا تَسْمِيَتِهِ إِيمَانًا، وهو لَفْظِيٌّ.
ص: وأَنَّ مَلاَذَ الكَافِرَ استدرَاجٌ.
ش: أَيْ: لاَ نِعْمَةَ، بَلْ هي كَالْعَسَلِ الْمَسْمُومِ، وهو الْمَحْكِيُّ عَنِ الأَشْعَرِيِّ.
وقَالَ آخرونَ: بَلْ هي نِعَمٌ، ويَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تعَالَى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} وَقَوْلُهُ: {فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ} وَقِيلَ: بإِثبَاتِ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ دُونَ الدِّينِيَّةِ، وقَالَ القَاضِي أَبُو يَعْلَى/ (201/ب/د) مِنَ الحَنَابِلَةِ: إِنَّهُ ظَاهِرُ كَلاَمِ أَصْحَابِهِمْ.
وقَالَ الآمِدِيُّ فِي (الأَبْكَارِ): لاَ نَعْلَمُ خِلاَفًا بَيْنَ أَصحَابِنَا أَنَّ اللَّهَ تعَالَى لَيْسَ لَهُ علَى مَنْ عَلِمَ إِصْرَارَهُ علَى الْكُفْرِ نِعْمَةٌ دِينِيَّةٌ، وأَمَّا النِّعْمَةُ الدُّنْيَوِيَّةِ فَاختلفوا فِيهَا ولِلأَشْعَرِيِّ قولاَنِ، ومَيْلُ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ إِلَى الإِثبَاتِ، وأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ علَى أَن لِلَّهِ علَى الكَافرِ النِّعْمَةَ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ.
ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الخِلاَفَ لَفْظِيٌّ؛ فَمَنْ نَفَى النِّعَمَ لاَ يُنْكِرُ الْمَلاَذَّ فِي الدُّنْيَا وتَحْقِيقَ أَسبَابِ الهدَايةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُسَمِّيهَا نِعَمًا؛ لِمَا يَعْقُبُهَا مِنَ الهلاَكِ، ومَنْ أَثْبَتَ كَوْنَهَا نِعَمًا لاَ يُنَازِعُ فِي تَعْقِيبِ الْهَلاَكِ لَهَا غَيْرَ أَنَّهُ سَمَّاهَا نِعَمًا لِلصورةِ.
وفِي (الرِّسَالَةِ) لِلْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ السِّيَارِيِّ: عَطَاؤُهُ علَى نَوْعَيْنِ:
كرَامةٍ، وَاستدرَاجٍ؛ فَمَا أَبْقَاهُ عَلَيْكَ فهو كرَامَةٌ، ومَا أَزَالَهُ عَنْكَ فهو استدرَاجٌ، فَقُلْ: أَنَا مؤمنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.