الرَّبِّ سبحَانَه وتعَالَى، قَالَ: ونَعْنِي بِالمَاهيَّةِ مَا يُسْأََلُ عَنْهَا بـ (مَا) كمَا قَالَ فِرْعَوْنُ: {ومَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} فَمَنَعَهَا الفلاَسفةُ وأَثبتَهَا بعضُهُمْ.
قُلْتُ: وسمعتُ وَالدِي ـ رحمَه اللَّهُ ـ يُنْقَلُ عَنْ شيخِهِ الإِمَامِ السُّبْكِيِّ وَالدِ المُصَنِّفِ أَنَّهُ كَانَ يُتَوَقَّفُ فِي استعمَالِ الذَّاتِ فِي حقِّ اللَّهِ تعَالَى.
ثم اختلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ العِلْمُ بِحَقِيقَتِهِ تعَالَى لِلْبَشَرِ الآنَ، أَي: فِي الدُّنْيَا؟
فَذَهَبَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ وإِمَامُ الحَرَمَيْنِ وَالغَزَالِيُّ وإِلكيَاالهرَاسيُّ إِلَى امتنَاعِهِ، وَحَكَاهُ الإِمَامُ فَخْرُ الدّينِ عن/ (183/ب/د) جمهورِ المُحَقِّقِينَ قَالَ: وكلاَمُ الصّوفِيَّةِ يُشْعِرُ بِهِ، ولهذَا قَالَ الجُنَيْدُ: وَاللَّهِ مَا عَرِفَ اللَّهَ إِلا اللَّهُ، وذكَرَ الطَّرْطُوشِيُّ عَنِ الحَارثِ المُحَاسِبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لاَ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً لِلْخَلْقِ.
وحَكُوا عَنِ الشَّافِعِيِّ رحمِه اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: مَنِ انتهضَ لطلبِ مُدَبِّرِهِ فَانْتَهَى إِلَى مَوْجُودٍ ينتهِي إِلَيْهِ فِكْرُهُ فهو مُشَبِّهٌ، وإِنِ اطْمَأَنَّ إِلَى العدمِ الصّرفِ فهو مُعَطِّلٌ، وإِنِ اطْمَأَنَّ إِلَى مَوْجُودٍ وَاعْتَرَفَ بِالعجزِ عَن إِدرَاكِهِ فهو مُوَحِّدٌ، وهو معنَى قَوْلِ الصّديقِ رضِي اللَّه عَنْهُ: العَجْزُ عَنِ دَرْكِ الإِدرَاكِ إِدرَاكٌ.
وَقَدْ قِيلَ:
حَقِيقةُ المَرْءِ لَيْسَ المَرْءُ يُدْرِكُهَا
فَكَيْفَ كَيْفِيَّةَ الجبَّارِ فِي القِدَمِ؟!
وَاحتجَّ إِمَامُ الحَرَمَيْنِ علَى ذَلِكَ بأَنَّهُ يمتنِعُ أَنْ يَكُونَ الكلُّ معلومًا للجزءِ؛ لأَنَّ