الاستفَاضةَ مِنَ العوَامِ لاَ وُثُوقَ بِهَا؛ فَقَدْ تكونُ عَنْ تَلْبِيسٍ، وَالتوَاترُ لاَ يُفِيدُ العِلْمَ إِلاَّ إِذَا اسْتَنَدَ إِلَى مَحْسُوسٍ.
وقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: يُقْبَلُ فِي أَهْلِيَّتِهِ خَبَرُ عَدْلٍ وَاحِدٍ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وهو محمولٌ علَى مَنْ عِنْدَه معرفةٌ يُمَيِّزُ بِهَا الأَهُلَ مِنْ غَيْرِه، ولاَ يُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ آحَادِ العَامَّةِ؛ لِكثرةِ مَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ مِنَ التّلْبِيسِ فِي ذلكَ.
ص: وللعَامِيِّ سُؤَالُهُ عَنْ مَأَخذِهِ استرشَادًا/ (222/أَ/م) ثُمَّ عَلَيْهِ بيَانُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ خَفِيًّا.
ش: عبَارةُ ابْنِ السّمعَانِيِّ: (ويَلْزَمُ العَالِمُ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ الدَّلِيلَ إِنْ كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ ولاَ يَلْزَمُه إِنْ لَمْ يَكُنْ مقطوعًا بِهِ، لافْتِقَارِهِ إِلَى اجتهَادٍ يَقْصُرُ عَنْهُ فَهْمُ العَامِيِّ) فَعَبَّرَ عَنْهُ المُصَنِّفُ بِالظُهُورِ وَالخَفَاءِ.
ص: مسأَلةٌ: يَجُوزُ لِلقَادرِ علَى التّفريعِ وَالترجيحِ، وإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجتهدًا الإِفتَاءُ بِمذهبِ مُجْتَهِدٍ اطَّلَعَ علَى مأَخذِه وَاعْتَقَدَهُ، وثَالِثُهَا عِنْدَ المُجْتَهِدِ، ورَابعُهَا وإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادرًا؛ لأَنَّهُ نَاقلٌ.
ش: هَلْ يَجُوزُ الإِفتَاءُ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الاجْتِهَادِ المُطْلَقِ؟
يُنْظَرُ؛ إِنْ وَصَلَ إِلَى رُتْبَةِ الاجْتِهَادِ الْمُقَيَّدِ فَاسْتَقَلَّ بِتقريرِ مَذْهَبِ إِمَامٍ مُعَيَّنٍ كَمَا هي صِفَةُ أَصحَابِ الوُجُوهِ جَازَ له ذَلِكَ قَطْعًا، وإِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى هذه المرتبةِ ففِيه مَذَاهِبُ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ له ذَلِكَ إِذَا كَانَ فَقِيهُ النّفْسِ حَافظًا لِمذهبِه قَادرًا علَى التّفريعِ وَالترجيحِ مُطْلَقًا علَى مَا أَخَذَ إِمَامُه، وهو الذي اختَارَه الآمِدِيُّ وَابْنُ الحَاجِبِ وحُكِيَ عَنِ الأَكْثَرِينَ.
وَالثَّانِي: المَنْعُ ولو كَانَ بهذه الصّفةِ.