وجوَابُهُ ببيَانِ عدمِهمَا؛ أَي: عدمِ الغرَابةِ وَالإِجمَالِ، بأَنْ يَثْبُتَ ظهورُ اللّفظِ فِي مقصدِهِ بِالنقلِ عَن أَئمَّةِ اللّغةِ أَو الشَّرْعِ، أَو تفسيرِهِ بِمُحْتَمَلٍ لغةً أَو عُرْفًا، فإِنْ فَسَّرَهُ بمَا لاَ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ فَالأَصحُّ أَنَّهُ لاَ يُقْبَلُ؛ لأَنَّ مخَالفةَ ظَاهرِ اللّفْظِ مِنْ غَيرِ قرينةٍ بعيدٌ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ؛ لأَنَّ غَايةَ الأَمرِ أَنَّهُ نَطَقَ بِلُغَةٍ جديدةٍ.
قَالَ الشَّارِحُ: وهي المَسْأَلَةُ المَعْرُوفة بِالعِنَايَةِ.
قُلْتُ: إِنَّمَا عُهِدَتِ العِنَايَةُ فِي التعَاريفِ لاَ فِي إِثبَاتِ الأَحكَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فلو قَالَ المُسْتَدِلُّ: الأَصْلُ عدمُ الإِجمَاعِ، فَيَلْزَمُ ظهورُ اللّفْظِ فِيمَا أَسْتَعْمِلُهُ فِيهِ؛ لأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهرٍ فِي غَيْرِه بِالاتِّفَاقِ بينَنَا، فإِنَّه مُجْمَلٌ عندَكَ وظَاهرٌ عندي فِيمَا ادَّعَيْتُهُ ـ ففِي قبولِه خلاَفٌ، وَجْهُ القبولِ دَفْعُ الإِجمَالِ، وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ مِنْ عدمِ ظُهُورِهِ فِي المَعْنَى الآخرِ ظُهُورِهِ فِي مقصودِه، لجوَازِ عدمِ ظهورِه فِيهِمَا جميعًا.
ص: وَمِنْهَا التّقسيمُ وهو كَوْنُ اللّفْظِ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ أَمْرَيْن أَحَدُهُمَا ممنوعٌ وَالمُخْتَارُ وُرُودُهُ، وجوَابُه أَنَّ اللّفْظَ مَوْضُوعٌ ولو عُرْفًا أَو ظَاهِرٌ/ (192/ب/م) ولو بقرينةٍ فِي المُرَادِ.
ش: السَّادِسَ عشرَ: التّقسيمُ، وهو كَوْنُ اللّفْظِ متردِّدًا بَيْنَ احتمَالينِ متسَاوِيَيْنِ أَحَدُهُمَا مُسَلَّمٌ لاَ يحصلُ المقصودُ، وَالآخرُ ممنوعٌ، وهو الذي يحصلُ المقصودُ.
وأَهملَ المُصَنِّفُ ـ تبعًا لابْنِ الحَاجِبِ ـ هذَا القَيْدَ الأَخيرَ، ولاَ بُدَّ مِنْهُ؛ لأَنَّهُمَا لو كَانَا مُسْلِمَيْنِ يحصلاَنِ المَقْصُودِ أَو لاَ يحصلاَنه لَمْ يَكُنْ للتقسيمِ معنًى؛ لأَنَّ المَقْصُودَ حَاصِلٌ أَو غَيْرُ حَاصلٍ علَى التَّقْدِيرينِ معًا، وَمَعَ زيَادتِه فَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا لو حَصُلَ المقصودُ، ووَرَدَ علَى أَحَدِهِمَا مِنَ القوَادحِ مَا لاَ يَرِدُ علَى الآخرِ، فإِنَّه