كقولِ الحَنَفِيِّ: يصِحُّ صومُ رمضَانَ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزّوَالِ للإِمسَاكِ وَالنيَّةُ، فِينقُضُهُ الشَّافِعِيُّ بِالنيَّةِ بعد الزَّوَالِ، فإِنَّهَا لاَ تكفِي، فِيمْنَعُ الحَنَفِيُّ وُجُودَ العِلَّةِ فِي هذه الصورةِ، فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ: مَا أَقمتُه دَلِيلاً علَى وُجُودِ العِلَّةِ فِي مَحَلِّ التَّعْلِيلِ دَالٌّ علَى وُجُودِهَا فِي صُورَةِ النقضِ ـ: فَهَلْ يُسْمَعُ ذلك؟

فِيه مَذْهَبَانِ: أَحَدُهُمَا ـ وهو الذي صوَّبَهُ المُصَنِّفُ وَاختَارَه الآمِدِيُّ وَابْنُ الحَاجِبِ وَالصفِيُّ الهِنْدِيُّ / (146/ب/د): أَنَّهُ لاَ يُسْمَعُ، لأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ نقضِ العِلَّةِ إِلَى نقضِ دليلِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُسْمَعُ، وهو ظَاهرُ عبَارةِ (المَحْصُولِ) فإِنَّه علَّلَ المَنْعَ فِيمَا تقدَّمَ بأَنَّهُ نقلَ إِلَى مسأَلةٍ أُخْرَى، ثُمَّ قَالَ: بلَى، لو قَالَ المُعْتَرِضُ: مَا دَلَلْتُ بِهِ إِلَى آخرِهِ، لكَانَ نقضًا للدليلِ فَيَكُونُ انتقَالاً مِنَ السّؤَالِ الذي بدأَ بِهِ إِلَى غَيْرِه انْتَهَى.

فلم يَجْعَلْه انتقَالا إِلَى مسأَلةٍ أُخْرَى بَلْ إِلَى سؤَالٍ آخرَ، فدلَّ علَى قبولِهِ، ويدلُّ عَلَيْهِ تعبيرُه بِقَوْلِهِ: (بلَى) وعبَارةُ البَيْضَاويِّ: فَهَلْ نقَلَ إِلَى نقضِ الدَّلِيلِ، وَلَيْسَ فِيهِ إِفصَاحٌ بحكمِه، لكنَّ الأَقربَ إِلَى الفهمِ مِنْ كلاَمِه أَنَّهُ غَيْرُ مقبولٍ، لأَنَّهُ علَّلَ مَنْعَ المُعْتَرِضِ مِنْ إِقَامةِ الدَّلِيلِ علَى وُجُودِهِ بأَنَّهُ نَقَلَ، فدلَّ علَى أَن النَّقلَ غَيْرُ مقبولٍ مُطْلَقًا، ويحتمِلُ أَنْ يَكُونَ معنَى كلاَمِه أَنَّ النَّقْلَ فِي هذه الصُّورَةِ مقبولٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ انتقَالاً إِلَى مسأَلةٍ أُخْرَى، وعليه جرَى الشّيرَازِيُّ فِي شرحِهِ.

تَنْبِيهٌ:

لو قَالَ المُعْتَرِضُ: يَلْزَمُكَ إِمَّا نقضُ العِلَّةِ أَو نقضُ الدَّلِيلِ الدَّالِ علَى وُجُودِهَا فِي الفَرْعِ ـ كَانَ مقبولاً يحتَاجُ المُسْتَدِلُّ إِلَى الجوَابِ عَنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015