وَالمَنْصُورُ عِنْدَ الأَشَاعِرَةِ خِلاَفُه، فإِنَّه تعَالَى لاَ يَبْعَثُه شَيْءٌ علَى شَيْءٍ.
وقَالَ المُقْتَرِحُ: إِنْ أُرِيدَ بأَنَّهَا البَاعِثُ للشَارِعِ علَى الحُكْمِ إِثبَاتُ غَرَضٍ حَادِثٍ لَهُ فهو مُحَالٌ، وإِن أُرِيدَ أَنْ يَعْقُبَهَا حُصُولُ الصَّلاَحِ فِي العَادَةِ فسُمِّيَتْ بَاعِثَةً تَجَوُّزًا، فهذَا لاَ يَجُوزُ إِطْلاَقُه علَى البَارِي تعَالَى، لمَا فِيهِ مِنْ إِيهَامِ المُحَالِ، إِلاَّ أَنْ يَتَحَقَّقَ إِذنٌ مِنَ الشَّارِعِ فِي إِطْلاَقِه لاَ سَبِيلَ إِلَيْهِ.
وجَمَعَ السُّبْكِيُّ بَيْنَ كَلاَمِ المُتَكَلِّمِينَ وَالفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ بأَنَّ مُرَادَ الفُقَهَاءِ أَنَّ العِلَّةَ بَاعِثٌ للمُكَلَّفِ علَى امْتِثَالِ الحُكْمِ، لاَ أَنَّهَا بَاعِثٌ للشَّارِعِ علَى شَرْعِ الحُكْمِ كَمَا تَوَهَّمَه بَعْضُهُم، فَالمُعَلَّلُ فِعْلُ المُكَلَّفِ لاَ حُكْمُ اللَّهِ تعَالَى.
قُلْتُ: وسَيَأْتِي بعد ذَلِكَ مَا يَشْهَدُ لَه.
ص: وقدْ تَكُونُ دَافِعَةً أَو رَافِعَةً أَو فَاعِلَةَ الأَمْرَيْنِ.
ش: الوَصْفُ المَجْعُولُ عِلَّةً ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ دَافِعًا للْحُكْمِ/ (159/أَ/م) فَقَطْ، كَالعِدَّةِ تَدْفَعُ حِلَّ النِّكَاحِ فِي الابْتِدَاءِ ولاَ يَرْفَعُه فِي الأَثْنَاءِ، كَالمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ تَعْتَدُّ، وهي بَاقِيَةٌ علَى الزَّوْجِيَّةِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ رَافِعًا للحُكْمِ فَقَطْ، كَالطَّلاَقِ يَرْفَعُ الحِلَّ ولاَ يَدْفَعُه فإِنَّه لاَ يَمْنَعُ عَقْدَ نِكَاحٍ جَدِيدٍ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ دَافِعًا رَافِعًا كَالرَّضَاعِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ ودَوَامَه.
ص: وَوَصْفًا حَقِيقِيًّا ظَاهِرًا مُنْضَبِطًا أَو عُرْفِيًّا مُطَّرَدًا، وكذَا فِي