تَفْسِيرِهَا بِالبَاعِثِ، فأَشَارَ المُصَنِّفُ إِلَى أَنَّهُم قَالُوا هذَا مَعَ تَفْسِيرِهِمُ العِلَّةَ بِالعُرْفِ، ووَجْهُ تَوَهُّمِ ابْنِ الحَاجِبِ/ (158/ب/م) ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ العِلَّةَ فَرْعًا للأَصْلِ أَصْلاً للفَرْعِ خَوْفًا مِنْ لُزُومِ الدَّوْرِ/ (130/أَ/د) فإِنَّهَا مُسْتَنْبَطَةٌ مِنَ النَّصِّ فلو كَانتْ مَعْرِفَةً لَهُ ـ وهي إِنَّمَا عُرِّفَتْ بِهِ ـ لُزُومُ الدَّوْرِ.

وَالحَقُّ تَفْسِيرُهَا بِالمُعَرَّفِ يَعْنِي أَنَّهَا نُصِبَتْ أَمَارَةً يَسْتَدِلُّ بِهَا المُجْتَهِدُ علَى وُجُودِ الحُكْمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِهِ، وَيَجُوزُ تَخَلُّفُه فِي حَقِّ العَارِفِ كَالغَيْمِ الرَّطْبِ أَمَارَةُ المَطَرِ.

وقَدْ يَتَخَلَّفُ، وتَخَلُّفُ التَّعْرِيفِ بِالنِّسَبَةِ للعَارِفِ لاَ يُخْرِجُهَا عَن كَوْنِهَا أَمَارَةً، فَاتَّضَحَ أَنَّ العِلَّةَ هي المُعَرَّفُ فِي الأَصْلِ وَالفَرْعِ ولاَ يَلْزَمُ الدَّوْرُ.

القَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا المُؤَثِّرُ بِذَاتِهِ لاَ بِجَعْلِ اللَّهِ تعَالَى، وهو قَوْلُ المُعْتَزِلَةِ، بِنَاءً علَى قَاعِدَتِهِم فِي التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ العَقْلِيَّيْنِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهَا المُؤَثِّرَةُ لاَ بِذَاتِهَِا ولاَ بِصِفَةٍ فِيهَا، ولكِنْ بِجَعْلِ الشَّارِعِ لَهَا مُؤَثِّرَةً، قَالَهُ الغَزَالِيُّ، وزَيَّفَه الإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ بأَنَّ الحُكْمَ قَدِيمٌ، وَالعِلَّةُ حَادِثَةٌ، وَالحَادِثُ لاَ يُؤَثِّرُ فِي القَدِيمِ.

الرَابِعُ: أَنَّهَا البَاعِثُ علَى التَّشْرِيعِ بمَعْنَى اشْتِمَالِ الوَصْفِ علَى مَصْلَحَةٍ صَالِحَةٍ أَنْ تَكُونَ المَقْصُودَ للشَارِعِ مِنْ شَرْعِ الحُكْمِ، وهو اخْتِيَارُ الآمِدِيِّ وَابْنِ الحَاجِبِ، وهو مَبْنِيٌّ علَى جَوَازِ تَعْلِيلِ أَفعَالِ البَارِي تعَالَى بِالغَرَضِ.

وهو مَحْكِيٌّ عَنِ الفُقَهَاءِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015