الوَصْفَ الجَامِعَ بَيْنَهُمَا وهو الطَّعْمُ، وبقِيَاسِ الزَّبِيبِ علَى التَّمْرِ الطَّعْمَ مَعَ الكَيْلَ، وبِالتَّمْرِ علَى الأَرْزِ/ (127/أَ/د) الطَّعْمَ وَالكَيْلَ مَعَ التَّقَوُّتِ، وبِالأَرْزِ علَى البُرِّ الطَّعْمَ وَالكَيْلَ وَالقُوتَ الغَالِبَ، ولوْ قِيسَ التُّفَّاحُ علَى البُرِّ ابْتِدَاءً لَمْ يَسْلَمْ مِنْ مَانِعٍ يَمْنَعُ عَلِيَّةَ الطَّعْمِ فجَمَعَ بَيْنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمِْر فِي الكَيْلِ، ثُمَّ أَخَذَ يُسْقِطُ الكَيْلَ وَالقُوتَ عَنِ الاعْتِبَارِ لِيَثْبُتَ لَهُ دَعْوَى أَنَّ العِلَّةَ الطَّعْمَ فَقَطْ.
تَنْبِيهٌ:
اعْتُرِضَ علَى المُصَنِّفِ بأَنَّ ذِكْرَ هذَا الشَّرْطِ تَكَرَّرَ قَدْ عُلِمَ مِنَ الشَّرْطِ الأَوَّلِ، فإِنَّ اشْتِرَاطَ ثُبُوتِه بِغَيْرِ القِيَاسِ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ كَوْنِه غَيْرَ فَرْعٍ، ولِهذَا اقْتَصَرَ البَيْضَاوِيُّ علَى ذَلِكَ الأَوَّلِ وَابْنُ الحَاجِبِ علَى الثَّانِي، ولَمْ يَجْمَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيْنَهُمَا، وأَجَابَ عَنْهُ المُصَنِّفُ بأَنَّهُ قَدْ يَثْبُتُ بِالقِيَاسِ، ولاَ يَكُونُ فَرْعًا لِلقِيَاسِ المُرَادُ ثُبُوتُ الحُكْمِ فِيهِ، وإِنْ كَانَ فَرْعًا لأَصْلٍ آخَرَ.
قُلْتُ: فَيَكُونُ قَوْلُهُ: (وَغَيْرَ فَرْعٍ) أَرَادَ بِهِ غَيْرَ فَرْعٍ لِذَلِكَ الأَصْلِ المَقِيسِ عَلَيْهِ، ولَمْ يُرِدِ انْتِفَاءَ الفَرْعِيَّةِ عَنْهُ مُطْلَقًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الخَامِسُ: أَنْ لاَ يَكُونَ حُكْمُ الأَصْلِ مَعَهُ ولاَ بِهِ عَنْ سُنَنِ القِيَاسِ، أَي خَرَجَ عَنِ المَعْنَى لاَ لِمَعْنَى، فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ/ (155/أَ/م) أَنَّهُ لاَ يَتَنَاوَلُ أَمْرَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: مَا شُرِعَ ابْتِدَاءً لاَ لِمَعْنَى فإِنَّه لَمْ يَدْخُلْ حتَّى يُقَالَ خَرَجَ.
ثَانِيهُمَا: مَا اسْتُثْنِيَ مِنْ مَعْقُولِ المَعْنَى كَالعَرَايَا اسْتُثْنِيَتْ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ لِحَاجَةِ الفُقَرَاءِ.
وَقَوْلُ الغَزَالِيِّ: إِنَّهُمَا مَعْدُولٌ بِهِمَا عَنْ سُنَنِ القِيَاسِ ـ تَجَوُّزٌ.
السَّادِسُ: أَنْ لاَ يَكُونَ دَلِيلُ حُكْمِ الأَصْلِ شَامِلاً لِحُكْمِ الفَرْعِ، وإِلاَّ فَلَيْسَ حَمْلُ أَحَدُهُمَا أَصْلاً وَالآخَرَ فَرْعًا أَوْلَى مِنَ العَكْسِ.