لاَ يَجُوزُ مُخَالَفَتُه، ولَوْ عَارَضَه نَصٌّ آخَرُ عُمِلَ بِالإِجمَاعِ، ولو كَانَ العَمَلُ بِذَلِكَ النَّصِّ لَتَسَاقَطَا عِنْدَ التَّكَافُؤِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّانِي: أَنْ لاَ يُتَعَبَّدَ فِيهِ بِالقَطْعِ، بَلْ يَكْتَفِي فِيهِ بِالظَنِّ، فَيَخْرُجُ مَا تُعُبِّدَ فِيهِ بِالعِلْمِ، كإِثبَاتِ حُجِّيَّةِ خَبَرِ الوَاحِدِ بِالقِيَاسِ علَى قَبُولِ الشِّهَادَةِ، وَالفَتْوَى علَى القَوْلِ بأَنَّهُ مِنَ المَسَائِلِ العِلْمِيَّةِ، كَذَا ذَكَرَه الإِمَامُ.

وقَالَ الصَّفِيُّ الهِنْدِيُّ: إِنَّمَا يَسْتَقِيمُ إِذَا كَانَ المُرَادُ بِالحُكْمِ الذي هو رُكْنٌ فِي القِيَاسِ الظَّنِّيِّ المُخْتَلَفِ فِيهِ, فأَمَّا إِنْ أُرِيدَ تَعْرِيفُ الحُكْمِ الذي هو رُكْنٌ فِي القِيَاسِ كَيْفَ كَانَ فَلاَ يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ، بَلْ يَجِبُ حَذْفُ قَيْدِ العِلْمِ عَنْهُ.

وقَالَ الشَّارِحُ: قَدْ يُسْتَشْكَلُ هذَا الشَّرْطُ مَعَ تَرْجِيحِ المُصَنِّفِ/ (154/ب/م) جَرَيَانَ القِيَاسِ فِي العَقْلِيَّاتِ مَعَ أَنَّا مُتَعَبِّدُونَ فِيهَا بِالقَطْعِ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الأَصْلِ شَرْعِيًّا أَي لاَ لُغَوِيًّا أَوْ عَقْلِيًّا، كَذَا ذَكَرَهُ الجُمْهُورُ، وعَلَّلُوه بأَنَّا إِذَا أَجْرَيْنَا القِيَاسَ فِيهمَا لَيْسَ شَرْعِيًّا بَلْ لُغَوِيًّا أَوْ عَقْلِيًّا، وكَلاَمُنَا فِي الشَّرْعِيِّ، فلِذَلِكَ زَادَ المُصَنِّفُ هذَا القَيْدَ وهو (إِنِ اسْتَلْحَقَ شَرْعِيًّا) فإِنَّه لاَ بُدَّ مِنْهُ وهو مَفْهُومٌ مِنْ تَعْلِيلِهِم.

الرَابِعُ: أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الأَصْلِ غَيْرَ فَرْعٍ عَنْ أَصْلٍ آخَرَ، خِلاَفًا لِلحَنَابِلَةِ وبَعْضِ المُعْتَزِلَةِ، كَذَا أَطْلَقَ أَهْلُ الأُصُولِ هذَا الخِلاَفَ، فأَشَارَ المُصَنِّفُ إِلَى تَضْعِيفِه بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ: مُطْلَقًا.

وَاختَارَ المُصَنِّفُ تَقْيِيدَهُ بِمَا إِذَا لَمْ يَظْهَرْ للْوَسَطِ فَائِدَةٌ كقِيَاسِ السَّفَرْجَلِ علَى التُّفَّاحِ، وَالتُّفَّاحِ علَى البُرِّ، فإِنْ ظَهَرَتْ لَهُ فَائِدَةٌ جَازَ كَقَوْلِنَا: التُّفَّاحُ رَبَوِيٌّ، قِيَاسًا علَى الزَّبِيبِ، وَالزَّبِيبُ رَبَوِيٌّ قِيَاسًا علَى التَّمْرِ، وَالتَّمْرُ رَبَوِيٌّ قِيَاسًا علَى الأَرْزِ، وَالأَرْزُ رَبَوِيٌّ قِيَاسًا علَى البُرِّ، إِذَا قَصَدَ بقِيَاسِ التُّفَّاحِ علَى الزَّبِيبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015