ولا يسعه مراعاة الأدب لغيره، ومحافظة خدمته وحرمته وتوقيره، فحينئذ يقطع عن الشيخ قطعًا وربما حرم عليه المرور إلى الشيخ، إلا عن أمر صريح وخبر بين، إلا ما يتفق مجيء الشيخ إليه، أو الملاقاة له في طريق أو جامع قدرًا لا قصدًا، كل ذلك حفظًا للحال، واستغناء بالرب وغيره على الحال وملازمة لها وخيفة من الزلة والمفارقة لها والعقوبة بذلك، وذلك أن الحكم يجمع المريد والشيخ ويسعهما والأحوال تفرق بينهما لأنها قدر والقدر غيب، فهي فعل الرب عز وجل، والله تعالى في كل يوم هو في شأن في تقديم وتأخير، وتبديل وتغيير، وولاية وعزل، وإغناء وإفقار، وإعزاز وإذلال، يسوق المقادير إلى المواقيت، لا يدرك ذلك ولا ينضبط لأحد من الخلق، ليل مظلم وبحر لجي، وبر شاسع لا يحيط بشيء من ذلك إلا الله عز وجل، ومن يطلعه الله تعالى عليه من رسله وأنبيائه وخواص أوليائه، فالاثنان من الأولياء لا يتفقان في طريق بعد دخولهم في الحالات التي هي القدر والفعل.

فما يصنع المريد بالشيخ وطريقهما مختلفة، فالشيخ يسير به إلى جهة، والمريد إلى أخرى، فقد خولف بين ظهورهما ووجوههما، فأنى لهما والصحبة والاجتماع والاتباع يبعد ذلك جدًا، فإن اتفق فهو نادر شاذ لا التفاف إليه ولا معول عليه، إذ الأغلب ما قد انكشف وظهر وبان، فصلوات الله على الشيخ، وعلى المريد الصادق الذي إذا بلغ به إلى حالة استغنى فيها بربه تبارك وتعالى عن الشيخ.

ومن آداب المريد:

ألا يتكلم بين يدي شيخه إلا في حالة الضرورة، وألا يظهر شيئًا من مناقب نفسه بين يديه.

ولا ينبغي له أن يبسط سجادته بين يدي الشيخ إلا في وقت أداء الصلاة، فإذا فرغ من صلاته طوى سجادته في الحال، ويكون متهيئًا لخدمة شيخه ومن هو قاعد على بساطه، مبسوطًا مستوطنًا مستريحًا، لا كلفة عليه لغيره، وهذه حالة الشيوخ لا حالة المريدين.

ويجتهد في اجتناب بسط سجادته وفوق سجادته من هو فوقه في الرتبة، وإدناء سجادته من سجادته إلا بأمره، فإن ذلك عندهم سوء أدب.

وينبغي للمريد إذا جرت مسألة بين يدي الشيخ أن يسكت، وإن كان عنده فضل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015