(فصل) وأولى ما يستعان به على محاربة الشيطان ودفعه كلمة الإخلاص، وذكر المرء ربه -عز وجل-.
كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- حاكيًا عن ربه -عز وجل- أنه قال: «لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي».
وقوله عليه الصلاة والسلام: «من قال لا إله إلا لله مخلصًا دخل الجنة».
فالشيطان سبب العذاب، فإذا قال العبد الكلمة وتقمص بموجباتها من أداء الأوامر وترك النواهي، فرآه الشيطان متلبسًا بذلك، تباعد منه ولم يقدم عليه، فنجا العبد من فتنته كما ينجو بجنة القتال من سلاح عدوه.
وكذلك التسمية يكثر ذكرها، فإنه روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أنه سمع رجلًا يقول تعس الشيطان فقال له عليه الصلاة والسلام: لا قتل هكذا، فإنه يتعاظم الشيطان اللعين ويقول: بعزتي غلبتك، ولكن قل: بسم الله، فإنه يتصاغر الشيطان حتى يصير مثل الذرة».
وكذلك يستعان عليه بترك الطمع فيما سوى فضل الله -عز وجل- من أبناء الدنيا وأموالهم وحمدهم وثنائهم وجمعهم والتكثر بهم وهداياهم، فإن الدنيا وأبناءها مال الشيطان وجنوده وحزبه، والمرء مع ماله والملك مع جنده.
فعلى العبد اليأس من ذلك كله، والاستغناء بالله -عز وجل- والثقة به، والتوكل عليه والرجوع إليه في جميع أموره وأحواله واستعمال الورع من الحرام والشبهة وترك منة الخلق والتقلل من مباح الدنيا وحلالها، والأكل بشهوة وشره كحاطب الليل من غير مفتيش وتنقير، ومن لم يبال من أين مطعمه ومشربه لم يبال الله تعالى من أي أبواب النار يدخله.
فيلزم العبد ذلك حتى ييأس الشيطان منه، فيسلم برحمة الله وعونه، فإن لم يفعل ذلك فالشيطان قرينه في قلبه وصدره، قال الله -عز وجل-: {ومن يعش عن ذكر الرحمن