أَوْجَبْنَا فِي هَدْمِ جِدَارِ الْغَيْرِ إعَادَتَهُ وَهُوَ مَا فِي التَّهْذِيبِ، وَغَيْرِهِ عَنْ النَّصِّ لَزِمَهُ إعَادَةُ السَّقْفِ، وَالْبِنَاءِ، أَوْ أَرْشُهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ لَيْسَ مِثْلِيًّا لَزِمَهُ أَرْشُ نَقْصِ الْبِنَاءِ وَقِيمَةُ حَقِّهِ لِلْفُرْقَةِ فَيَسْتَرِدُّهَا دُونَ الْأَرْشَ بَعْدَ إعَادَةِ السَّقْفِ وَعَلَى الثَّانِي نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّاظِمُ كَأَصْلِهِ فِي الْغَصْبِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِيهِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِيهِ فَإِطْلَاقُ النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ لُزُومَ الْقِيمَةِ هُنَا صَحِيحٌ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ، لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي تَحْرِيرِهِ كَبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي فَقَالَ: قَوْلُهُ وَبِهَدْمِهِ يَغْرَمُ لِلْفُرْقَةِ مَحَلُّهُ فِي الْهَدْمِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ، فَلَا قِيمَةَ لِلْفُرْقَةِ إلَّا بِالْهَدْمِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ أَطْلَقَهُ الْحَاوِي. اهـ. وَفِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ عَلَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا هَذِهِ حَذْفٌ لَا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ، وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى التَّعْبِيرِ فِي هَذِهِ بِالْمَذْهَبِ تَعْبِيرُ النَّوَوِيِّ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا هَذِهِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ جَارٍ عَلَى نَصِّ غَيْرِ الْبُوَيْطِيِّ، أَمَّا نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ فَيُخَالِفُهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا فِي بَابِ الْغَصْبِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَا فَرَّعَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ لُزُومِ أَرْشِ النَّقْصِ، وَهُوَ الصَّوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إذَا هَدَمَهُ غَيْرُ الْمَالِكِ، أَمَّا إذَا هَدَمَهُ الْمَالِكُ وَكَانَ مُتَعَدِّيًا فَيَلْزَمُهُ مَعَ الْأَرْشِ وَقِيمَةِ حَقِّ الْبِنَاءِ لِلْفُرْقَةِ الْإِعَادَةُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَقِيَاسُهُ لُزُومُهَا أَيْضًا إذَا كَانَ الْهَدْمُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْتِزَامُهُ الْبِنَاءَ، وَالْحَمْلَ وَعَلَى مَا قَالَهُ يَلْزَمُهُ أَيْضًا مَعَ الْقِيمَةِ لِلْفُرْقَةِ الْإِعَادَةُ فِي صُورَتَيْ الْبَيْعِ لِحَقِّ الْمَمَرِّ وَمَجْرَى الْمَاءِ.
ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ صُوَرٍ خَرَجَتْ بِنَافِعٍ شَرْعًا فَقَالَ (لَا كَالْهَوَا) بِالْقَصْرِ لِلْوَزْنِ (فَرْدًا) أَيْ: مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلٍ يُبْنَى عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالِكُ عَرْصَةٍ هَوَاءَهَا لِإِنْسَانٍ لِيَشْرَعَ جَنَاحًا لَهُ إلَيْهَا، فَلَا يَصِحُّ؛ إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْبِنَاءِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ بَاعَ الْهَوَاءَ لِإِشْرَاعِ الْجَنَاحِ، وَوَضَعَ جُذُوعَ الْجَنَاحِ عَلَى حَائِطِهِ صَحَّ (وَحَبَّتَيْنِ بُرْ) بِنَصْبِ بُرَّ تَمْيِيزٌ، أَوْ الْوَقْفِ عَلَيْهِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: وَلَا كَحَبَّتَيْنِ مِنْ بُرٍّ وَزَبِيبٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوْ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا لِقِلَّتِهِ، وَلَا أَثَرَ لِضَمِّهِ لِمِثْلِهِ، أَوْ وَضْعِهِ فِي الْفَخِّ، وَلَا لِحُرْمَةِ غَصْبِهِ وَوُجُوبِ رَدِّهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ. وَتَعْبِيرُهُ بِحَبَّتَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِحَبَّةٍ لِفَهْمِ مَنْعِ بَيْعِهَا بِالْأَوْلَى مِنْ مَنْعِ بَيْعِهِمَا مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ (وَسَبُعٍ لَيْسَ يَصِيدُ) يَعْنِي، وَلَا كَسَبُعٍ لَا نَفْعَ فِيهِ مِنْ صَيْدٍ، وَغَيْرِهِ (كَالنَّمِرْ) ، وَالذِّئْبِ، وَالْأَسَدِ وَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ لَهَا مِنْ الْهَيْبَةِ، وَالسِّيَاسَةِ لَيْسَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمُعْتَبَرَةِ، أَمَّا مَا فِيهِ نَفْعٌ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ كَالضَّبُعِ لِلْأَكْلِ، وَالْفَهْدِ لِلصَّيْدِ، وَالْفِيلِ لِلْقِتَالِ، وَالْقِرْدِ لِلْحِرَاسَةِ. وَتَمْثِيلُهُ بِالنَّمِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَ) لَا (مَسْكَنٍ بِلَا مَمَرٍّ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَمَرٌّ، أَوْ لَهُ مَمَرٌّ وَنَفَاهُ فِي بَيْعِهِ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَذَلِكَ قَالَ الْأَكْثَرُونَ، سَوَاءٌ تَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ اتِّخَاذِ مَمَرٍّ إلَى شَارِعٍ، أَوْ مِلْكِهِ أَمْ لَا وَشَرَطَ الْبَغَوِيّ عَدَمَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ يُوَافِقُهُ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى بَيْتًا مِنْهَا وَنَفَى الْمَمَرَّ صَحَّ إنْ أَمْكَنَهُ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا يَغْرَمُ الْهَادِمُ أُجْرَةَ الْبِنَاءِ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ وَخَرَجَ بِالْهَدْمِ الِانْهِدَامُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ إعَادَةُ السَّقْفِ، وَالْبِنَاءِ) أَيْ: وَلَا أَرْشَ وَلَا قِيمَةَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَرْشُهُ) عُطِفَ عَلَى إعَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَرْشُ نَقْصِ الْبِنَاءِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَهْدُومًا.
(قَوْلُهُ: دُونَ الْأَرْشِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الْبَائِعِ يَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِ الْأَصْلِ أَيْضًا وَلَا يَسْتَرِدُّهُ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِصَيْدٍ) أَيْ: مَثَلًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالسَّبُعُ الَّذِي لَمْ يَصِدْ وَلَكِنْ يُرْجَى أَنْ يَتَعَلَّمَ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ تَعَلُّمِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا، وَالْأَرْجَحُ الْجَوَازُ. اهـ. وَلَا يُشْكِلُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَازِ فِي الْجَحْشِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْجَحْشَ صَائِرٌ بِنَفْسِهِ إلَى النَّفْعِ بِخِلَافِ السَّبُعِ إنَّمَا يَصِيرُ إلَيْهِ بِالتَّعْلِيمِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوَافِقُهُ إلَخْ) فَرَّقَ الْجُوَيْنِيُّ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا اسْتِدَامَةُ مِلْكِ، وَالْأَوْلَى ابْتِدَاءُ مِلْكٍ، وَقَدْ يُغْتَفَرُ فِي الِاسْتِدَامَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ أَقُولُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَزِمَهُ إعَادَةُ السَّقْفِ، وَالْبِنَاءِ) قَالَ الْمُحَشِّي: وَلَا أَرْشَ وَلَا قِيمَةَ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ هَذَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِمَا إذَا كَانَ الْهَادِمُ غَيْرَ الْمَالِكِ، أَمَّا هُوَ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَنْقُولِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا سَيَأْتِي فِي إلْزَامِهِ الْبِنَاءَ، وَالْحَمْلَ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: أَرْشُ نَقْصِ الْبِنَاءِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَهْدُومًا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُمْ بَنَوْا كَلَامَهُمْ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مُتَابَعَتِهِمْ لَهُ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ لَزِمَهُ الْأَرْشُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِهِ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ فَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُ عَدَمِ لُزُومِ الْقِيمَةِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْإِعَادَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: صَحَّ) لِكَوْنِهِ تَابِعًا لِأَصْلٍ يُبْنَى عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: كَالنَّمِرِ إلَخْ) إنْ كَانَتْ كِبَارًا لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَأَمَّا الْفَهْدُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُهُ مَعَ الْكِبَرِ. اهـ. حَجَرٌ وَق ل.
(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَذَلِكَ) أَيْ: حَالًا. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ تَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) لَا يُقَالُ: يَتَأَتَّى فِيهِ النَّفْعُ مَآلًا كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ فَهَلَّا صَحَّ فِيهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حُصُولُ النَّفْعِ فِي الْجَحْشِ لَا فِعْلَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ. فَتَأَمَّلْ. اهـ. شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: وَنَفَى الْمَمَرَّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ صَحَّ وَيَمُرُّ فِي الدَّارِ وَهُوَ قَضِيَّةُ الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ آخَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ إنْ أَمْكَنَهُ إلَخْ) فَرَّقَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ هَذَا اسْتِدَامَةُ مِلْكٍ وَذَاكَ فِيهِ نَقْلٌ لَهُ