إزَالَتَهُ عَمَّا مَلَكَهُ مِنْ مَنَافِعِ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُسْلِمٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ) كَانَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْحَاكِمُ (كِتَابَةً) لِلْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِهَا الْمِلْكُ لِإِفَادَتِهَا الِاسْتِقْلَالَ، بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ، وَالرَّهْنِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالتَّزْوِيجِ، وَالْحَيْلُولَةِ.
وَعَبَّرَ الْحَاوِي عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ: كَكِتَابَةٍ فَهُوَ تَنْظِيرٌ لِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ لَا تَمْثِيلٌ لَهُ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ النَّظْمِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَقْتَضِي أَنَّ الْكِتَابَةَ تُزِيلُ الْمِلْكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَفِيمَنْ دُبِّرَا وَأُمِّ فَرْعٍ بِالْفِرَاقِ أُمِرَا) أَيْ: وَأُمِرَ الْكَافِرُ فِي مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ إذَا أَسْلَمَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا بِأَنْ يَضَعَهُمَا عِنْدَ عَدْلٍ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِمَا، وَيَسْتَكْسِبَانِ لَهُ لِتَعَذُّرِ نَقْلِ الْمِلْكِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَإِبْطَالِ حَقِّ الْعِتْقِ فِي الْمُدَبَّرِ فَإِنْ امْتَنَعَ فَرَّقَ الْحَاكِمُ، وَلَا يُكَلَّفُ السَّيِّدَ إعْتَاقُهُمَا لِلْإِجْحَافِ، وَلَا بَيْعُ الْمُدَبَّرِ لِإِبْطَالِ حَقِّهِ مِنْ الْعِتْقِ نَعَمْ إنْ تَأَخَّرَ تَدْبِيرُهُ عَنْ إسْلَامِهِ كُلِّفَ بَيْعُهُ، وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيُّ: كَالْقِنِّ وَالْمَاوَرْدِيُّ كَالْمُدَبَّرِ (وَلِامْتِنَاعٍ) أَيْ: وَلِأَجْلِ امْتِنَاعِ الْكَافِرِ مِنْ إزَالَةِ الْمِلْكِ عَمَّا ذُكِرَ، وَالْكِتَابَةِ لَهُ (بِيعَ) أَيْ: بَاعَهُ الْحَاكِمُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ كَمَا يَبِيعُ مَالَ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ بَلْ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَاغِبًا بِثَمَنِ مِثْلِهِ صَبَرَ وَأَحَالَ بَيْنَهُمَا إلَى أَنْ يُوجَدَ وَيَسْتَكْسِبُ لَهُ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَقِيَاسُ هَذَا فِي الْمُسْتَأْجِرِ إذَا أَمَرْنَاهُ بِالْإِزَالَةِ فَامْتَنَعَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ الْحَاكِمُ، لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّهُ يَفْسَخُ فَإِنْ قُلْت هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْحَاكِمِ بَيْعُ الْمُسْلِمِ، أَوْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابَتِهِ كَالْمَالِكِ؟ قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنِ بَيْعِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَصْلَحَةِ الْمَالِكِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ حَالًّا
(وَالْقَاضِي قَبَضْ لَهُ إنْ اشْتَرَاهُ فَالْهُدَى عَرَضْ) أَيْ: وَإِنْ اشْتَرَى الْكَافِرُ كَافِرًا فَأَسْلَمَ قَبْلَ قَبْضِهِ قَبَضَهُ لَهُ الْحَاكِمُ، وَلَا يَقْبِضُهُ الْمُشْتَرِي؛ لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ عَلَى الْمُسْلِمِ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا قَبَضَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، إلَّا بِالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَلَيْسَا بِمُتَعَيِّنَيْنِ عَلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّ إسْلَامَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ، بِخِلَافِ الْعَصِيرِ إذَا تَخَمَّرَ قَبْلَ قَبْضِهِ لِزَوَالِ الْمَالِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ
(فَرْعٌ)
قَالَ الْمَحَامِلِيُّ: لَا يَدْخُلُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ فِي مِلْكِ كَافِرٍ ابْتِدَاءً إلَّا فِي سِتِّ مَسَائِلَ: إرْثٌ، وَاسْتِرْجَاعٌ بِفَلَسٍ، وَرُجُوعٌ فِي هِبَةِ لِوَلَدِ، وَرَدٌّ بِعَيْبٍ، وَالْتِمَاسُ عِتْقٍ وَعَجْزٌ عَنْ كِتَابَةٍ فِيمَا إذَا كَاتَبَهُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ عَجَزَ فَعَجَّزَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِي هَذِهِ تَسَاهُلٌ؛ إذْ الْمِلْكُ لَمْ يَزُلْ لِيَتَجَدَّدَ بِالتَّعْجِيزِ قَالَ: وَتَرَكَ سَابِعَةً وَهِيَ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ صُوَرًا يَرْجِعُ أَكْثَرُ الصَّحِيحِ مِنْهَا إلَى صُورَتَيْ الرَّدِّ بِالْفَلَسِ، وَالْعَيْبِ بِجَامِعِ الْفَسْخِ
. وَلِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ شُرُوطٌ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ: (فِي نَافِعٍ) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي نَافِعٍ (شَرْعًا) فِي الْحَالِ كَالْمَاءِ بِالشَّطِّ، وَالتُّرَابِ بِالصَّحْرَاءِ، أَوْ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ فَرْضِ هَذَا الْخِلَافِ: وَالتَّصْحِيحِ فِي الْمُسْلِمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَإِجَارَةِ الْعَيْنِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ دُونَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ فِيهَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ. اهـ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ:؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ فِيهَا إلَخْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي الْمُصْحَفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: اللَّازِمُ لَهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْ مَنْفَعَتِهِ، أَوْ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ: يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحْصِيلِهِ بِغَيْرِهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ الْإِمْكَانَ يَجْعَلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَبَرِّعِ. (قَوْلُهُ: وَالْحَيْلُولَةِ) أَيْ: فَلَا تَكْفِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ وَلَا تَصِحُّ عَلَى الْأَقْرَبِ عِنْدَ الزَّرْكَشِيّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَفِيمَنْ دَبَّرَا) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، أَوْ لِلْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا وَيَسْتَكْسِبَانِ لَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي إذَا طُلِبَ مِنْهُ بَيْعُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ نَفْسِهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِالْمَالِكِ بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ نَعَمْ إنْ طَلَبَ غَيْرُهُ افْتِدَاءَهَا مِنْهُ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا فَالظَّاهِرُ إجْبَارُهُ. اهـ.، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْإِجْبَارِ بَلْ امْتِنَاعُ الِافْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَبَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ مُمْتَنِعٌ م ر
(قَوْلُهُ: وَلَا يَقْبِضُهُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُوَكِّلَ مُسْلِمًا لِيَقْبِضَهُ لَهُ فَمَا الْحَاجَةُ إلَى الْقَاضِي؟ قُلْت: وَكِيلُهُ يَدُهُ كَيَدِهِ فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَبَضَهُ بِوَكِيلِهِ شَرْحُ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ، وَلَوْ اشْتَرَى كَافِرٌ عَبْدًا فَأَسْلَمَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا لَمْ يَنْفَسِخْ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ قَبَضَهُ الْقَاضِي ثُمَّ أَمَرَهُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ، أَوْ قَبْلَ اللُّزُومِ أَوْ كَانَ الْبَائِعُ كَافِرًا فَفِي انْفِسَاخِهِ تَرَدُّدٌ. وَقَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ قَالَهُ الْإِمَامُ وَأَقَرَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ قِيلَ: وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ؛ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْعُيُوبِ أَنَّ إسْلَامَهُ إنْ نَقَصَتْ بِهِ قِيمَتُهُ تَخَيَّرَ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَعِبَارَةُ الْغَزَالِيِّ فِي الْأَخِيرَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ: أَوْ كَانَ الْبَائِعُ كَافِرًا، فَإِذَا اشْتَرَاهُ مِنْ كَافِرٍ فَفِي الِانْفِسَاخِ وَجْهَانِ وَأَوْلَى بِأَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّهُ كَيْفَمَا تَرَدَّدَ انْقَلَبَ إلَى كَافِرٍ، وَالِاسْتِصْحَابُ أَوْلَى. اهـ. وَوَجَّهَ فِي الذَّخَائِرِ الِانْفِسَاخَ بِأَنَّ الْمِلْكَ بِالِانْفِسَاخِ يَقَعُ قَهْرًا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ إمْضَاءِ الْمِلْكِ الِاخْتِيَارِيِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ وَنَقَلَ مَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ عَنْهُ: الْوَجْهُ الِانْفِسَاخُ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ إطْلَاقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَدْ تَقْتَضِي إلَخْ) قَالَ م ر: قَدْ يُقَالُ: إنَّهَا تُزِيلُ مِلْكَ الْمَنَافِعِ أَوْ إنَّهَا تُزِيلُهُ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ، أَوْ إنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ كِتَابَةً عَائِدٌ لِمَا يَأْمُرُهُ بِهِ الْحَاكِمُ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ. اهـ.، وَالْأَخِيرُ هُوَ مَا حَاوَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْحِلِّ.
(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. اهـ. هَامِشُ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: قَبَضَهُ لَهُ الْحَاكِمُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقَبَضَ وُجُوبًا حَاكِمٌ، أَوْ نَائِبُهُ حَتَّى يَصِحَّ التَّصَرُّفُ فِيهِ، ثُمَّ يُكَلِّفُهُ رَفْعَ يَدِهِ عَنْهُ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ قَبَضَهُ