«مِنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَرَوَى النَّسَائِيّ خَبَرَ «صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ» وَحَذْفُ تَاءِ التَّأْنِيثِ عِنْدَ حَذْفِ الْمَعْدُودِ جَائِزٌ كَمَا سَلَكَهُ النَّاظِمُ تَبَعًا لِلْخَبَرِ (وَ) صَوْمُهَا (بِالْوَلَاءِ) وَمُتَّصِلُهُ بِيَوْمِ الْعِيدِ (أَوْلَى) مِنْ تَفْرِيقِهَا وَمِنْ صَوْمِهَا غَيْرِ مُتَّصِلَةٍ بِيَوْمِ الْعِيدِ مُبَادَرَةً لِلْعِبَادَةِ وَقَوْلُهُ: وَبِالْوَلَاءِ أَوْلَى مِنْ زِيَادَةِ (وَ) كَصَوْمِ (عَاشُورَاءَ) ، وَهُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ (وَتَاسُوعَاءَ) ، وَهُوَ تَاسِعُهُ قَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَوْمُ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» وَقَالَ: «لَئِنْ عِشْت إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ فَمَاتَ قَبْلَهُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَيُسَنُّ صَوْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ أَيْضًا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَحِكْمَةُ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ مَعَ عَاشُورَاءَ الِاحْتِيَاطُ لِعَاشُورَاءَ، وَالْمُخَالَفَةُ لِلْيَهُودِ كَمَا زَادَهَا النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: (خُولِفَ بِالتَّاسِعِ) أَيْ بِصَوْمِهِ مَعَ الْعَاشِرِ (لِلْمَرِيضِ قَلْبَا) أَيْ لِأَجْلِ إفْرَادِ مَرِيضِ الْقَلْبِ بِالْكُفْرِ عَاشُورَاءَ بِالصَّوْمِ (وَ) كَصَوْمِ (أَيَّامِ اللَّيَالِي الْبِيضِ) وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَتَالِيَاهُ لِلْأَمْرِ بِصَوْمِهَا فِي النَّسَائِيّ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ.
وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَصَوْمُهَا كَصَوْمِ الشَّهْرِ وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَلَوْ غَيْرَ أَيَّامِ الْبِيضِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ وَأَنْ تَكُونَ أَيَّامَ الْبِيضِ فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسُّنَّتَيْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُسَنُّ صَوْمُ أَيَّامِ السُّودِ الثَّامِنِ، وَالْعِشْرِينَ وَتَالِيَيْهِ وَخُصَّتْ أَيَّامُ الْبِيضِ وَأَيَّامُ السُّودِ بِذَلِكَ لِتَعْمِيمِ لَيَالِي الْأُولَى بِالنُّورِ وَلَيَالِي الثَّانِيَةِ بِالسَّوَادِ فَنَاسَبَ صَوْمُ الْأُولَى شُكْرًا، وَالثَّانِيَةِ لِطَلَبِ كَشْفِ السَّوَادِ؛ وَلِأَنَّ الشَّهْرَ ضَيْفٌ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى الرَّحِيلِ فَنَاسَبَ تَزْوِيدُهُ بِذَلِكَ، وَالِاحْتِيَاطُ صَوْمُ الثَّانِي عَشَرَ مَعَ أَيَّامِ الْبِيضِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: وَصَوْمُ السَّابِعِ، وَالْعِشْرِينَ مَعَ أَيَّامِ السَّوَادِ (صَوْمُهُ) أَيْ وَكَصَوْمِهِ (الْخَمِيسَ، وَالِاثْنَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُمَا» وَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّهُمَا يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ عَرْضُهَا عَلَى اللَّهِ وَأَمَّا رَفْعُ الْمَلَائِكَةِ لَهَا فَإِنَّهُ بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَصِيَامِ الدَّهْرِ) أَيْ فَرْضًا فَمَنْ لَمْ يَصُمْ رَمَضَانَ وَلَوْ لِعُذْرٍ، ثُمَّ صَامَ سِتَّةَ شَوَّالٍ، وَقَضَاءَ رَمَضَانَ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ صِيَامِ الدَّهْرِ فَرْضًا وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّةُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ وَكَثِيرِينَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَصُمْ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ، أَوْ صِبًا، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ كُفْرٍ لَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ سِتَّةِ شَوَّالٍ قَالَ: أَبُو زُرْعَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ سُنَّةِ الصَّوْمِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ لِتَرَتُّبِهِ فِي الْخَبَرِ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ فَإِنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ تَعَدِّيًا حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُهَا وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمَحَامِلِيِّ كَشَيْخِهِ الْجُرْجَانِيِّ يُكْرَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ كَرَاهَةَ صَوْمِهَا لِمَنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ فَيُنَافِي مَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُجْمَعَ بِأَنَّهُ: ذُو وَجْهَيْنِ، أَوْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ وَهَذَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَإِذَا تَرَكَهَا فِي شَوَّالٍ لِذَلِكَ، أَوْ غَيْرِهِ سُنَّ قَضَاؤُهَا فِيمَا بَعْدُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَالِاثْنَيْنِ) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْخَمِيسِ م ر وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا فَاتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا إذَا كَانَ مَاكِثًا النَّهَارَ بِغَيْرِ عَرَفَةَ وَقَصَدَ عَرَفَةَ لَيْلًا اهـ.
ع ش وق ل ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الشَّارِحِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْمُحَشِّي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَافِرٍ جَهَدَهُ الصَّوْمُ اهـ.
وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُكْثَ لَيْسَ بِقَيْدٍ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إلَخْ) أَيْ دَائِمًا فَلَا تَكُونُ الْمَرَّةُ مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ وَسِتَّةِ شَوَّالٍ كَصِيَامِ الدَّهْرِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ صِيَامِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ إلَى قَوْلِهِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ بِسَنَةٍ اهـ.
سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: رَمَضَانَ) مَفْعُولٌ عَلَى التَّوَسُّعِ وَلَيْسَ ظَرْفًا هُنَا فَالْمُرَادُ جَمِيعُهُ اهـ.
عَمِيرَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: جَائِزٌ) وَهُوَ أَفْصَحُ مِنْ إثْبَاتِهَا حِينَئِذٍ م ر (قَوْلُهُ: أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ) أَيْ أَرْجُو مِنْ اللَّهِ اهـ.
شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: الثَّالِثَ عَشَرَ) أَيْ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُبَدَّلُ بِالسَّادِسِ عَشَرَ مِنْهُ اهـ.
ق ل (قَوْلُهُ: صَوْمُ الثَّانِي عَشَرَ) أَيْ لِلْخِلَافِ فِي أَنَّهُ أَوَّلُهَا وَعَلَّلَ فِي التُّحْفَةِ كَمَا هُنَا بِالِاحْتِيَاطِ أَيْ لِاحْتِمَالِ نَقْصِ الشَّهْرِ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْخِلَافَ وَاهٍ جِدًّا لِمُخَالَفَتِهِ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ فَلَا يُرَاعَى اهـ.
مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَصَوْمُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ مَنْ قَالَ أَوَّلُهَا السَّابِعُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إذَا تَمَّ الشَّهْرُ يُسَنُّ صَوْمُ الْآخَرِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الثَّانِي وَمَنْ قَالَ الثَّامِنُ يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ السَّابِعِ احْتِيَاطًا فَيُتَّجَهُ سَنُّ صَوْمِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ إذَا تَمَّ الشَّهْرُ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي التُّحْفَةِ اهـ.
مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَصَوْمُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) أَيْ احْتِيَاطًا لِنَقْصِ الشَّهْرِ فَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ وَنَقَصَ الشَّهْرُ أَبْدَلَهُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ بَعْدَهُ وَعَلَى هَذَا هَلْ يُطْلَبُ لِهَذَا الشَّهْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أُخْرَى، أَوْ يَكْفِي ذَلِكَ الْيَوْمُ لِلشَّهْرَيْنِ؟ رَاجِعْ ق ل، وَالظَّاهِرُ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ كِفَايَتُهُ إنْ لَمْ يَنْوِ صَوْمَهُ عَنْ غَيْرِهِ بَلْ وَإِنْ نَوَاهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: تُعْرَضُ فِيهَا الْأَعْمَالُ) أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَقَوْلُهُ: وَأَنَا صَائِمٌ عَلَى إثْرِ صَوْمٍ وَقِيلَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَوْلُهُ: وَأَنَا صَائِمٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ اهـ.
شَيْخُنَا ذ اهـ.
مَرْصِفِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ عَرْضُهَا عَلَى اللَّهِ) قِيلَ وَتُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ