لِلتِّجَارَةِ وَفِي رَيْعِ مَا يَمْلِكُهُ بِهَا كَثَمَرَةٍ وَوَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ، فَلَهُ حُكْمُهُ.

(مَا لَمْ يَنْوِ بَعْدَ) أَيْ: بَعْدَ التَّمَلُّكِ (الِاقْتِنَا فَفِيهِ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِمَّا مُلِكَ بِالْمُعَاوَضَةِ لِلتِّجَارَةِ وَرِيعِهِ (رُبْعُ عُشْرِ قِيمَةٍ) لَهُ أَمَّا وُجُوبُ زَكَاتِهِ، فَلِمَا رَوَى الْحَاكِمُ بِإِسْنَادَيْنِ وَقَالَ هُمَا صَحِيحَانِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ.» وَلِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ سَمُرَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي نُعِدُّهُ لِلْبَيْعِ.» وَرَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ حَمَاسًا كَانَ يَبِيعُ الْأُدُمَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ قَوِّمْهُ وَأَدِّ زَكَاتَهُ قَالَ، فَفَعَلْت وَالْبَزُّ يُقَال لِأَمْتِعَةِ الْبَزَّازِ وَلِلسِّلَاحِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةُ عَيْنٍ، فَصَدَقَتُهُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَأَمَّا أَنَّ وَاجِبَهُ رُبُعُ الْعُشْرِ، فَكَمَا فِي النَّقْدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِمَا وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ فَلِأَنَّهَا مُتَعَلَّقُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ حِمَاسٍ، فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْعَيْنِ وَخَرَجَ بِمَا لَمْ يَنْوِ اقْتِنَاءَهُ مَا إذَا نَوَى اقْتِنَاءَهُ وَلَوْ قُبَيْلَ الْحَوْلِ لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ مَالَ تِجَارَةٍ وَيُفَارِقُ نِيَّةَ التِّجَارَةِ بِالْمُقْتَنَى بِأَنَّ الْقُنْيَةِ هِيَ الْإِمْسَاكُ لِلِانْتِفَاعِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا بِهِ، فَأَثَّرَتْ وَبِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُرُوضِ الِاقْتِنَاءُ وَالتِّجَارَةُ عَارِضَةٌ، فَيَعُودُ حُكْمُ الْأَصْلِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَمَا فِي الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ.

وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (هُنَا) تَكْمِلَةٌ (مِنْ نَقْدِ) أَيْ: فَفِيهِ رُبُعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ مِنْ نَقْدِ (رَأْسِ الْمَالِ) إنْ كَانَ نَقْدًا وَلَوْ دُونَ نِصَابٍ أَوْ أَبْطَلَهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ مَا بِيَدِهِ وَأَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ نِصَابًا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ وَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا بِغَيْرِهِ، فَإِنْ مُلِكَ

ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَلَوْ كَأَمْوَالِ التِّجَارَةِ. قَالَ فِي الرَّوْضِ: فِي الشَّرْطِ الرَّابِعِ فَإِذَا مَاتَ الْمَالِكُ انْقَطَعَ الْحَوْلُ وَاسْتَأْنَفَ الْوَارِثُ مِنْ الْمَوْتِ لَا السَّائِمَةَ أَيْ: لَا يَسْتَأْنِفُ حَوْلَهَا حَتَّى يَقْصِدَ إسَامَتَهَا وَلَا بِعُرُوضِ الْمُتَّجِرَةِ أَيْ: لَا يَسْتَأْنِفُ لَهَا مَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ. اهـ. وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ أَمْوَالَ التِّجَارَةِ مَوْرُوثَةٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ كَمَا فِي السَّائِمَةِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ وَلَعَلَّهُ اخْتِيَارٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: الِاقْتِنَاءَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ نَوَى الْقُنْيَةِ بِبَعْضِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَفِي تَأْثِيرِهِ وَجْهَانِ قُلْت أَقْرَبُهُمَا الْمَنْعُ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْأَوْجَهُ التَّأْثِيرُ فِي الْبَعْضِ عَلَى الْإِبْهَامِ وَيَرْجِعُ فِي تَعْيِينِهِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: الِاقْتِنَاءَ) وَلَوْ مُحَرَّمًا م ر. (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ نِيَّةَ التِّجَارَةِ) حَيْثُ لَا تُؤَثِّرُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ نَقْدِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: وَيَنْبَغِي لِلتَّاجِرِ أَنْ يُبَادِرَ إلَى تَقْوِيمِ مَالِهِ بِعَدْلَيْنِ، وَيَمْتَنِعُ وَاحِدٌ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ قَبْلَ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَحْصُلُ نَقْصٌ فَلَا يَدْرِي مَا يُخْرِجُهُ. قِيلَ وَيُتَّجَهُ مِنْ تَرَدُّدٍ لَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَحَدُ الْعَدْلَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ أَشَارُوا ثَمَّ إلَى مَا يَضْبِطُ الْمِثْلِيَّةَ فَيَبْعُدُ اتِّهَامُهُ فِيهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا إذْ الْقِيَمُ لَا ضَابِطَ لَهَا. اهـ. ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِ الْعَدْلَيْنِ النَّظَرُ إلَى مَا يَرْغَبُ أَيْ فِي الْأَخْذِ بِهِ وَسُئِلَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيِّ عَنْ تَاجِرٍ عِنْدَهُ آخِرَ الْحَوْلِ عُرُوضُ تِجَارَةٍ زَكَوِيَّةٌ وَلَا نَقْدَ عِنْدَهُ وَلَوْ بَاعَ مِنْهَا لَمْ يَفِ إلَّا بِنِصْفِ قِيمَتِهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ كَذَلِكَ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَلَى الْجَدِيدِ أَنَّهُ إنَّمَا يُخْرِجُ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مِنْ عَيْنِ الْعَرْضِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَاعَهُ بِذَلِكَ الْغَيْرِ النِّصَابِ وَمَضَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ، وَقَصْدُ التِّجَارَةِ مُسْتَمِرٌّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَرْضًا فَبَاعَهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَمَضَتْ عَلَيْهَا أَحْوَالٌ وَقَصْدُ التِّجَارَةِ مُسْتَمِرٌّ وَلَمْ تَبْلُغْ قِيمَةُ الْعِشْرِينَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ.

وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ عَدَمُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْعِشْرِينَ زَكَاةَ الْعَيْنِ لِمَا عَدَا الْحَوْلَ الْأَوَّلَ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَبَاعَهُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَحَالَ الْحَوْلُ وَقِيمَةُ الْمِائَتَيْنِ دُونَ الْعِشْرِينَ لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا. اهـ. لَكِنْ قِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى نِصَابَ سَائِمَةٍ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ وَلَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهَا آخِرَ الْحَوْلِ نِصَابًا وَجَبَتْ زَكَاةُ الْعَيْنِ وَكَذَا إنْ بَلَغَتْ تَغْلِيبًا لِزَكَاةِ الْعَيْنِ الْوُجُوبَ هُنَا، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ اسْتَشْكَلَ مَا اقْتَضَاهُ الْإِطْلَاقُ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ بِمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِالسَّائِمَةِ تَعَلُّقُ عَيْنٍ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْقِيمَةِ فِي التِّجَارَةِ فَقُدِّمَتْ زَكَاتُهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ النَّقْدِ هُنَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ فِي اعْتِبَارِ قِيمَتِهِ لَا عَيْنِهِ.

وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قِيمَتَهُ إذَا لَمْ تُسَاوِ النَّقْدَ الَّذِي يُقَوَّمُ بِهِ لَا تَجِبُ زَكَاتُهُ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ مَا دَامَ قَصْدُ التِّجَارَةِ مُسْتَمِرًّا، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عِشْرِينَ دِينَارًا لِلتِّجَارَةِ بِدَرَاهِمَ وَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَجَبَتْ تَزْكِيَةُ الدَّرَاهِمِ لِمَا قُلْنَا لَا الدَّنَانِيرِ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ نَظَرًا إلَى

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حِمَاسًا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ ثَانِيهِ وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ. اهـ. إصَابَةٌ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: الْأُدُمَ) جَمْعُ أَدِيمٍ مِثْلُ أَفِيقٍ وَأُفُقٍ وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى آدِمَةٍ مِثْلَ رَغِيفٍ وَأَرْغِفَةٍ. اهـ. صِحَاحٌ وَالْأَفِيقُ الْجِلْدُ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ دِبَاغُهُ. اهـ. صِحَاحٌ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلِأَنَّهَا إلَخْ) فِيهِ شِبْهُ مُصَادَرَةٍ وَيُمْكِنُ التَّأْوِيلُ. (قَوْلُهُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015