لِلشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ وَالْمَوْتُ عَدَمُ الْحَيَاةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَقِيلَ: عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ وَقِيلَ: عَرَضٌ يُضَادُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قُدِّرَ وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ (وَاسْتَعَدْ لَهُ بِتَوْبٍ) أَيْ بِالتَّوْبَةِ أَيْ: بَادِرْ إلَيْهَا وُجُوبًا فَقَدْ يَفْجَؤُهُ الْمَوْتُ فَتَفُوتُهُ (وَالظُّلَامَاتُ تُرَدْ إلَى ذَوِيهَا) أَيْ: أَصْحَابِهَا وَصَرَّحَ بِرَدِّهَا وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّوْبَةِ لِئَلَّا يَغْفُلَ عَنْهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا كَانَ أَوْلَى (وَالْمَرِيضُ أَوْلَى) بِمَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إلَى الْمَوْتِ أَقْرَبُ وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَتَعَاهَدَ نَفْسَهُ بِتَقْلِيمِ أَظْفَارِهِ وَأَخْذِ شَعْرِ شَارِبِهِ وَإِبِطِهِ وَعَانَتِهِ لِخَبَرِ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَتْلَهُ اسْتَعَارَ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَنْ يَصْبِرَ عَلَى الْمَرَضِ وَأَنْ يَتَدَاوَى فَإِنْ تَرَكَهُ تَوَكُّلًا فَفَضِيلَةٌ وَأَنْ يَتْرُكَ الْأَنِينَ جُهْدَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ بَلْ فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ «عَائِشَةَ قَالَتْ: وَارَأْسَاهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ» لَكِنْ الِاشْتِغَالُ بِالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ أَوْلَى مِنْهُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ وَيُكْرَهُ لَهُ كَثْرَةُ الشَّكْوَى فَلَوْ سَأَلَهُ طَبِيبٌ، أَوْ قَرِيبٌ، أَوْ نَحْوُهُ عَنْ حَالِهِ فَأَخْبَرَهُ بِالشِّدَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لَا عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ فَلَا بَأْسَ وَيُسَنُّ عِيَادَتُهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَكَذَا إنْ كَانَ ذِمِّيًّا قَرِيبًا، أَوْ جَارًا أَوْ نَحْوَهُ، وَإِلَّا جَازَتْ فَإِنْ رَأَى الْعَائِدُ أَمَارَةَ الْبُرْءِ دَعَا لَهُ وَانْصَرَفَ، وَإِلَّا رَغَّبَهُ فِي التَّوْبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يُطَيِّبَ نَفْسَهُ وَلَا يُطِيلُ الْقُعُودَ وَتَكُونُ عِيَادَتُهُ غِبًّا وَلَا تُكْرَهُ فِي وَقْتٍ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمَرِيضِ.
(وَذُو احْتِضَارٍ) أَيْ: وَمَنْ حَضَرَتْهُ مُقَدِّمَاتُ الْوَفَاةِ (قِبْلَةً يُوَلَّى) نَدْبًا (لِأَيْمَنٍ) بِصَرْفِهِ لِلْوَزْنِ أَيْ: لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ كَالْمَوْضُوعِ فِي اللَّحْدِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاسْتِقْبَالِ مِنْ إلْقَائِهِ عَلَى قَفَاهُ وَرَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْبَلَتْ عِنْدَ مَوْتِهَا الْقِبْلَةَ، ثُمَّ تَوَسَّدَتْ يَمِينَهَا (ثُمَّ عَلَى قَفَاهُ يُلْقَى) أَيْ: ثُمَّ إنْ تَعَذَّرَ وَضْعُهُ عَلَى جَنْبِهِ أُلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُعَبِّرُ عَنْهُ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْعِبَارَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَعْنَى مَعَ أَنَّ الْعِبَارَتَيْنِ لَا يُوفِيَانِ بِاتِّحَادِهِ لِصِدْقِ الْأُولَى بِانْتِفَاءِ الْحَيَاةِ عَنْ نَحْوِ الْجِدَارِ وَالنُّطْفَةِ دُونَ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ) يَشْمَلُ النُّطْفَةَ وَيُخْرِجُ الْجِدَارَ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: عَرَضٌ إلَخْ) فَيَكُونُ وُجُودِيًّا. (قَوْلُهُ: بَادِرْ إلَيْهَا وُجُوبًا) أَيْ: فَوْرًا إنْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ مُقْتَضِيًا لَهَا، وَإِلَّا فَنَدْبًا. (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِشُمُولِهِ التَّمْكِينَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَهُ تَوَكُّلًا إلَخْ) قَدْ يُفِيدُ هَذَا الصَّنِيعَ أَنَّ التَّدَاوِي أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ وَلَوْ تَوَكُّلًا وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيُسَنُّ التَّدَاوِي. (قَوْلُهُ: كَثْرَةُ الشَّكْوَى) أَخْرَجَ غَيْرَ الْكَثْرَةِ، فَهَلْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ جَزَعٌ، وَيَنْبَغِي: نَعَمْ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ عِيَادَتُهُ) وَلَوْ مِنْ رَمَدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَارًا أَوْ نَحْوَهُ) أَيْ: كَخَادِمٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُطِيلُ الْقُعُودَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بَلْ تُكْرَهُ إطَالَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إعْجَازِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ بَعْضِ تَصَرُّفَاتِهِ، نَعَمْ إنْ فَهِمَ عَنْهُ الرَّغْبَةَ فِيهَا فَلَا كَرَاهَةَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَذِكْرُ الْهَدْمِ تَخْيِيلٌ. (قَوْلُهُ: بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ) لَا يَشْمَلُ الْجَنِينَ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) وَلَوْ مِنْ صَغِيرَةٍ وَإِنْ أَتَى بِمُكَفِّرٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: تُرَدُّ) الْمُرَادُ الْخُرُوجُ مِنْهَا فِي الْمَالِ وَالْعِرْضِ وَالنَّفْسِ إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا فَالشَّرْطُ الْعَزْمُ عَلَى الرَّدِّ إنْ قَدَرَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ عُرِفَ الْمَظْلُومُ، وَإِلَّا فَيَتَصَدَّقُ بِمَا ظُلِمَ بِهِ عَنْ الْمَظْلُومِ كَذَا قِيلَ: وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَالٌ ضَائِعٌ يُرَدُّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَصْرِفُ مَا أَخَذَهُ عَلَى مُسْتَحَقِّيهِ وَلَوْ كَانَ لِلظَّالِمِ اسْتِحْقَاقٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِهِ وَالتَّصَرُّفَ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ، وَمَحَلُّ التَّوَقُّفِ عَلَى الِاسْتِحْلَالِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ كَمَا إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ وَلَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا الِاسْتِحْلَالَ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عَرْضِهِمْ فَيَكْفِي النَّدَمُ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّوْبَةِ) أَيْ: أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهِيَ تَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ فِي مَنْ لَا شَيْء عَلَيْهِ يُرَدُّ وَأَخَذَ م ر بِظَاهِرِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَدَاوَى) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُكْرَهُ إكْرَاهُهُ عَلَى تَنَاوُلِ الدَّوَاءِ اهـ. الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ أَوْ يُظَنَّ أَنْ تَرْكَهُ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ كَمَا قِيلَ فِي أَصْلِ التَّدَاوِي. (قَوْلُهُ: كَثْرَةُ الشَّكْوَى) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ يُكْرَهُ لَهُ الشَّكْوَى. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ عِيَادَتُهُ) إلَّا نَحْوَ مُبْتَدِعٍ فَيُكْرَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَيُسَنُّ عِيَادَتُهُ) وَلَوْ فِي نَحْوِ رَمَدٍ وَأَوَّلَ يَوْمٍ وَخَبَرُ «إنَّمَا يُعَادُ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ» مَوْضُوعٌ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ؛ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا قَرِيبًا أَوْ جَارًا أَوْ نَحْوَهُمَا أَوْ رُجِيَ إسْلَامُهُ، وَإِلَّا جَازَتْ وَكَالذِّمِّيِّ الْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ إذَا كَانَا بِدَارِنَا وَآدَابُ الْعِيَادَةِ عَشْرٌ: أَنْ لَا يُقَابِلَ الْبَابَ عِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ وَأَنْ يَدُقَّ الْبَابَ بِرِفْقٍ، وَلَا يُبْهِمُ نَفْسَهُ بِأَنْ يَقُولُ: أَنَا، وَأَنْ لَا يَحْضُرَ فِي وَقْتٍ غَيْرِ لَائِقٍ بِالْعِيَادَةِ كَوَقْتِ شُرْبِ الدَّوَاءِ، وَأَنْ يُخَفِّفَ الْجُلُوسَ، وَأَنْ يَغُضَّ الْبَصَرَ وَأَنْ يُقَلِّلَ السُّؤَالَ، وَأَنْ يُظْهِرَ الرِّقَّةَ وَأَنْ يُخْلِصَ الدُّعَاءَ، وَأَنْ يُوَسِّعَ لِلْمَرِيضِ فِي الْأَمَلِ وَيُعِينَهُ عَلَيْهِ بِالصَّبْرِ وَيُحَذِّرَهُ مِنْ الْجَذَعِ. اهـ. فَتْحُ الْبَارِي عَلَى الْبُخَارِيِّ لِحَجَرٍ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ: الْأَيْمَنِ) أَيْ: عَلَى أَيْمَنَ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَيْسَرِ) زَادَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَأَخَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَوَسَّدَتْ يَمِينَهَا) اُنْظُرْ كَيْفِيَّةَ