وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ وَجَدَ التُّرَابَ بِمَحَلٍّ يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: صَحِيحَةً كَانَتْ الْأَعْذَارُ أَوْ بَاطِلَةً وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْمَاءِ عَدَمُ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ مِنْ مَاءٍ وَتُرَابٍ لَكِنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمَاءِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ.
(بِصَارِمٍ) أَيْ: اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ بِسَيْفٍ قَاطِعٍ يُضْرَبُ بِهِ عُنُقُهُ لِلْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الْقِتْلَةِ وَلِهَذَا عَبَّرَ بِصَارِمٍ بَدَلَ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالسَّيْفِ وَبَعْدَ قَتْلِهِ يُغَسَّلُ (ثُمَّ يُصَلَّى) عَلَيْهِ (وَجُعِلْ فِي الْقَبْرِ) مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَ (لَمْ يُطْمَسْ) قَبْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ قُتِلَ حَدًّا لَا كُفْرًا (كَمَنْ حَدًّا قُتِلْ) بِقَتْلٍ، أَوْ زِنًا، أَوْ غَيْرِهِ.
(بَابُ الْجَنَائِزِ) بِالْفَتْحِ جَمْعُ جَنَازَةٍ بِالْفَتْحِ، وَالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ وَقِيلَ: بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِذَلِكَ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ: عَكْسُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَهُوَ سَرِيرٌ وَنَعْشٌ وَهِيَ مِنْ جَنَّزَهُ يُجَنِّزُهُ إذَا سَتَرَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لَا يُسَمَّى جِنَازَةً حَتَّى يُشَدَّ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ مُكَفَّنًا وَذَكَرَ هَذَا الْبَابَ هُنَا دُونَ الْفَرَائِضِ؛ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الصَّلَاةِ (يُكْثِرُ كُلٌّ ذِكْرَ مَوْتٍ) أَيْ: يُكْثِرُ نَدْبًا كُلُّ أَحَدٍ ذِكْرَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ أَزْجَرُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَأَدْعَى إلَى الطَّاعَةِ «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ: اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ قَالُوا: إنَّا نَسْتَحِي يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ مَنْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظْ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَلْيَحْفَظْ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى وَلْيَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحَى مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَرَوَى هُوَ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ خَبَرَ «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ.» زَادَ ابْنُ حِبَّانَ «فَإِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ فِي ضِيقٍ إلَّا وَسَّعَهُ وَلَا ذَكَرَهُ فِي سَعَةٍ إلَّا ضَيَّقَهَا» وَهَاذِمُ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ: قَاطِعٌ وَأَمَّا بِالْمُهْمَلَةِ فَمَعْنَاهُ الْمُزِيلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ وَجَدَ التُّرَابَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر
(بَابُ الْجَنَائِزِ) (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ) لَعَلَّهُ عَلَى الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ سَرِيرٌ) لَعَلَّ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ ثَابِتَةٌ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ) مَا قَبْلَهُ لَا يُنَافِيهِ. (قَوْلُهُ: ذِكْرُ مَوْتٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: بِقَلْبِهِ. اهـ. وَإِذَا حُمِلَ الذِّكْرُ عَلَى التَّذَكُّرِ وَافَقَ ذَلِكَ وَهَذَا يَرُدُّ مَا قِيلَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِإِكْثَارِ ذِكْرِ الْمَوْتِ إكْثَارُ الْعَمَلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ التَّعْلِيلَ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ فِي ضِيقٍ فَتَأَمَّلْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إلَخْ) هَذِهِ الْقَضِيَّةُ ظَاهِرَةٌ وَاعْتَمَدَهَا ام ر خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّارِحُ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ جِدًّا، وَإِلَّا أَشْكَلَ لِعُمُومِ قَتْلِهِ بِالِاعْتِذَارِ بِنَجَاسَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ إلَخْ) تَأَمَّلْهُ مَعَ عَدَمِ قَتْلِهِ بِالِاعْتِذَارِ بِنَجَاسَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَنْ حَدًّا قُتِلَ) يُفِيدُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَدٍّ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ
[بَابُ الْجَنَائِزِ]
(بَابُ الْجَنَائِزِ) (قَوْلُهُ: بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ إلَخْ) وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ نِيَّةُ الْمُصَلِّي إذَا قَالَ: أُصَلِّي عَلَى هَذِهِ الْجِنَازَةِ فَعَلَى كَوْنِهَا اسْمًا لِلنَّعْشِ لَا تَصِحُّ النِّيَّةُ مُطْلَقًا وَعَلَى كَوْنِهَا اسْمًا لَهُ فِي النَّعْشِ لَا تَصِحُّ عَلَى مَيِّتٍ بِلَا نَعْشٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَقَدْ هُجِرَ فَالنِّيَّةُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ) وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ لَوْ قَالَ: أُصَلِّي عَلَى هَذِهِ الْجِنَازَةِ بِالْكَسْرِ أَوْ الْفَتْحِ لَمْ يَصِحَّ إنْ قَصَدَ النَّعْشَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْمَيِّتِ تَغْلِيبًا لِلْمُبْطِلِ فِي الثَّانِي فَإِنْ قَصَدَ الْمَيِّتَ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلنَّعْشِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْمَيِّتِ فَقَطْ. اهـ. شَيْخُنَا بِزِيَادَةٍ، رَاجِعْ م ر وَالرَّشِيدِيَّ عَلَيْهِ. اهـ. شَيْخُنَا ذَهَبِيٌّ وَكُلُّ هَذَا بِنَاءً عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ هُجِرَ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَكْسُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَمِنْ جُمْلَتِهِ إنَّهُ اسْمٌ لَهُمَا مَعًا فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءًا مَعْنًى لَا قَيْدًا فِيهِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ. اهـ. شَيْخُنَا ذَهَبِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا اللَّذَانِ تَعَرَّضَا لِاسْمِ النَّعْشِ مَعَ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ وَهَذَا مَفْهُومُهُ نَعَمْ تَرَجَّى الْمُحَشِّي أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ إلَخْ) هَلْ مُفَارَقَةُ قَوْلِ الْأَزْهَرِيِّ لِغَيْرِهِ بِاعْتِبَارِهِ التَّكْفِينَ فَقَطْ أَوْ وَالشَّدَّ وَمَا الْمُرَادُ بِالشَّدِّ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: يُكْثِرُ كُلٌّ) إلَّا طَالِبَ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَوْتِ يَقْطَعُهُ. اهـ. حَوَاشِي الْمَنْهَجِ أَيْ: إنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ، وَإِلَّا سُنَّ لَهُ ذِكْرُهُ كَغَيْرِهِ. اهـ. شَنَوَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَدْبًا) أَيْ: مُؤَكَّدًا، وَإِلَّا فَأَصْلُ الذِّكْرِ بِلَا إكْثَارٍ مَنْدُوبٌ. اهـ. حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي الْمَوْتَ) يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ الْمَوْتِ لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ بِدُونِ يَعْنِي إلَّا أَنْ تَكُونَ رِوَايَةً أُخْرَى. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَج.
(قَوْلُهُ: فَمَعْنَاهُ الْمُزِيلُ إلَخْ) أَيْ: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ مُرَادًا بَلْ هُوَ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ بِأَنْ شَبَّهَ إزَالَةَ اللَّذَّاتِ بِذِكْرِ الْمَوْتِ بِهَدْمِ الصَّوَاعِقِ أَوْ نَحْوِهَا لِلْبِنَاءِ وَاسْتَعَارَ لَهُ اسْمَهُ ثُمَّ اُشْتُقَّ مِنْهُ هَادِمٌ أَوْ بِالْكِنَايَةِ بِأَنْ شَبَّهَ اللَّذَّاتِ بِبُنْيَانٍ مُرْتَفِعٍ تَشْبِيهًا