هِيَ تَمْيِيزُ الْحِصَصِ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ: قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] الْآيَةَ، وَخَبَرُ «الشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ» «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَرْبَابِهَا» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا، فَقَدْ يَتَبَرَّمُ الشَّرِيكُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ أَوْ يَقْصِدُ الِاسْتِبْدَادَ بِالتَّصَرُّفِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا تَحْصُلُ بِهِ فَقَالَ: (اكْتَفِ) فِي الْقِسْمَةِ (بِالْقَاسِمِ) الْوَاحِدِ كَالْحَاكِمِ، سَوَاءٌ نَصَبَهُ الْإِمَامُ أَمْ الشُّرَكَاءُ، وَشَرْطُ مَنْصُوبِهِ: كَوْنُهُ ذَكَرًا حُرًّا عَدْلًا يَعْلَمُ الْمِسَاحَةَ وَالْحِسَابَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ كَالْحَاكِمِ، وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ اشْتِرَاطِهِ فِي نَائِبِ الْقَاضِي وَفِي اشْتِرَاطِ مَعْرِفَتِهِ التَّقْوِيمَ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ الْمَنْعُ، وَمَنْصُوبُ الشُّرَكَاءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَلَا الْحُرِّيَّةُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لَهُمْ.

وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمُحَكَّمُهُمْ كَمَنْصُوبِ الْإِمَامِ (لَا الْمُقَوِّمِ) الْوَاحِدِ، فَلَا تَكْتَفِ بِهِ لِكَوْنِهِ شَاهِدًا بِالْقِيمَةِ، فَإِذَا كَانَ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ نَعَمْ إنْ جَعَلَ الْإِمَامُ الْقَاسِمُ حَاكِمًا فِي التَّقْوِيمِ جَازَ فَيَعْمَلُ فِيهِ بِعَدْلَيْنِ، وَيَقْسِمُ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ كَمَا مَرَّ.

(وَأَجْرُهُ بِحِصَصٍ عَلَيْهِمْ) أَيْ وَأَجْرُ الْقَاسِمِ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ الْمَأْخُوذَةِ، لَا بِعَدَدِ رُءُوسِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُؤَنِ الْمِلْكِ كَالنَّفَقَةِ، نَعَمْ مَنْصُوبُ الْحَاكِمِ أَجْرُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ فِيهِ لِذَلِكَ شَيْءٌ، هَذَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ بِإِيجَارٍ فَاسِدٍ أَوْ بِإِيجَارٍ صَحِيحٍ غَيْرِ مُفَصَّلٍ لِمَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ، (أَمَّا) إذَا كَانَ (بِإِيجَارٍ) صَحِيحٍ مُفَصَّلٍ لِذَلِكَ (وَلَيْسَ يَسْتَقِلْ بِهِ) أَيْ: بِالْإِيجَارِ (شَرِيكٌ) بِغَيْرِ إذْنِ الْبَقِيَّةِ، وَإِنْ عَقَدُوا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ، وَهَذَا مُقْحَمٌ بَيْنَ أَمَّا وَجَوَابِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ: (فَاَلَّذِي سَمَّاهُ كُلْ) مِنْهُمْ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةٌ لِلْقَاسِمِ، سَوَاءٌ كَانَ مُسَاوِيًا بِالْأَجْرِ مِثْلَ حِصَّتِهِ أَمْ لَا، (حَتَّى لِطِفْلٍ) أَيْ الْأَجْرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى عَلَى طِفْلٍ قُسِمَ عَلَيْهِ مِلْكُهُ (دُونَ غِبْطَةٍ تُرَى) لَهُ فِي الْقِسْمَةِ، (إنْ طَالَبُوا) أَيْ: شُرَكَاؤُهُ (وَلِيَّهُ) بِهَا؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ إلَيْهَا وَاجِبَةٌ،

ـــــــــــــــــــــــــــــS (بَابُ الْقِسْمَةِ) (قَوْلُهُ وَشَرْطُ مَنْصُوبِهِ كَوْنُهُ ذَكَرًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مُجْتَهِدًا وَإِنْ وُجِدَ الْمُجْتَهِدُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ قَاضِيًا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ الْمَنْعُ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ (قَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ) هَذَا إنْ كَانُوا مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَقَاسَمَ لَهُ وَلِيُّهُ اُشْتُرِطَتْ عَدَالَةُ الْمَنْصُوبِ وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ لَوْ وَكَّلَ بَعْضُهُمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَنْ يَقْسِمَ عَنْهُ عَلَى أَنْ يُفْرِزَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَحْتَاطَ لِمُوَكِّلِهِ وَفِي هَذَا لَا يُمَكِّنُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُمَا وَاحِدًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ وَلِمُوَكِّلِهِ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ لَا بِعَدَدِ رُءُوسِهِمْ) وَلَا بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ مَنْصُوبُ الْإِمَامِ إلَخْ) ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَعَلَى الْإِمَامِ إنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ وَلَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا نَصَّبَ قَاسِمًا فَأَكْثَرَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَيُرْزَقُونَ حِينَئِذٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ سَعَةٌ أَوْ وَجَدَهُ مُتَبَرِّعًا فَلَا يُنَصِّبُ قَاسِمًا إلَّا لِمَنْ سَأَلَ نَصِيبَهُ وَأُجْرَتَهُ حِينَئِذٍ إذَا لَمْ يُنَصِّبْ الْإِمَامُ أَوْ نَصَّبَهُ بِسُؤَالِهِمْ عَلَيْهِمْ سَوَاءٌ طَلَبُوا كُلُّهُمْ الْقِسْمَةَ أَوْ بَعْضُهُمْ وَلَا يُعَيِّنُ قَاسِمًا إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ لِئَلَّا يُغَالِيَ فِي الْأُجْرَةِ، وَمَنَعَهُ مِنْ التَّعْيِينِ، قَالَ الْقَاضِي عَلَى جِهَةِ التَّحْرِيمِ وَالْفُورَانِيُّ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ اهـ. بِإِسْقَاطِ الْأَدِلَّةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ أَيْ بِالْإِيجَارِ) أَيْ لَا إفْرَازِ نَصِيبِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَقَدُوا بَعْدَهُ) أَوْ مَعَهُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِجَابَةَ إلَيْهَا وَاجِبَةٌ) يُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ سَوَاءٌ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ) وَنَصَّبَهُ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ وَقِيلَ وَاجِبٌ. اهـ. حَاشِيَةُ م ر عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ يَعْلَمُ الْمِسَاحَةَ وَالْحِسَابَ) بِأَنْ يَعْلَمَ طَرِيقَ اسْتِعْلَامِ الْمَجْهُولَاتِ الْعَدَدِيَّةِ الْعَارِضَةِ لِلْمَقَادِيرِ كَطَرِيقِ مَعْرِفَةِ الْقُلَّتَيْنِ بِخِلَافِ الْعَدَدِيَّةِ فَقَطْ، فَإِنَّ عِلْمَهَا يَكُونُ بِالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ. اهـ. بج (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ) أَيْ فِي الْقَاسِمِ، وَهَذَا فِي مَأْذُونِ الْحَاكِمِ، أَمَّا الْقِسْمَةُ الْجَارِيَةُ بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ دُونَ إذْنِ الْحَاكِمِ فَيُخِلُّونَ فِي الْعَدَدِ عَلَى مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ لَكِنْ لَا يَقْبَلُ الْحَاكِمُ قَوْلَ هَذَا الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ وَلَا يَسْمَعُ شَهَادَتَهُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ الْمَأْخُوذَةِ) أَيْ لَا الْأَصْلِيَّةِ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ فِي الْأَصْلِ الثُّلُثُ فَصَارَ لَهُ الثُّلُثَانِ فَعَلَيْهِ ثُلُثَا الْأُجْرَةِ وَعَلَى الْآخَرِ ثُلُثُهَا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْكَثِيرِ الَّذِي تَبَيَّنَ بَعْدَ التَّعْدِيلِ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي الْقَلِيلِ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَحَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ مَنْصُوبُ الْحَاكِمِ إلَخْ) هَذَا إنْ لَمْ يُنَصِّبْهُ بِسُؤَالِ الشُّرَكَاءِ وَإِلَّا فَأَجْرُهُ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015