كُلًّا مِنْ الْعَوَرِ وَالْجُنُونِ يُورِثُ الْهُزَالَ، وَلَا تُجْزِئُ الْهَيْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا تُرْوَى بِقَلِيلِ الْمَاءِ وَلَا بِكَثِيرِهِ، وَالْهُيَامُ بِضَمِّ الْهَاءِ دَاءٌ يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ (قُلْتُ إنَّ مَخْلُوقًا بِلَا ضَرْعٍ وَأَلْيَةٍ كَمَا قَدْ كَمُلَا) أَيْ: كَالْكَامِلِ فَتُجْزِئُ أُضْحِيَّةٌ كَمَا يُجْزِئُ ذَكَرُ الْمَعْزِ بِخِلَافِ الْمَخْلُوقِ بِلَا أُذُنٍ؛ لِأَنَّ الْأُذُنَ عُضْوٌ لَازِمٌ غَالِبًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالذَّنَبُ كَالْأَلْيَةِ

. (بَيْنَ) أَيْ: ضَحَّى بَيْنَ (مُضِيِّ قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ) خَفِيفَتَيْنِ (وَخُطْبَتَيْنِ أَيْ: خَفِيفَتَيْنِ مِنْ الطُّلُوعِ) لِلشَّمْسِ (يَوْمَ نَحْرٍ وَ) مَا بَعْدَهُ (إلَى آخِرِ) أَيَّامِ (تَشْرِيقٍ ثَلَاثَةٍ وَلَا) أَيْ: مُتَوَالِيَةٍ سَوَاءٌ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ لَكِنْ يُكْرَهُ الذَّبْحُ لَيْلًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ الْمَذْبَحَ؛ وَلِأَنَّ الْفُقَرَاءَ لَا يَحْضُرُونَ فِيهِ حُضُورَهُمْ بِالنَّهَارِ، فَلَوْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَقَعْ أُضْحِيَّةً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا نُصَلِّي، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ» وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ «فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» نَعَمْ إنْ لَمْ يَذْبَحْ الْوَاجِبَ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ ذَبَحَهُ بَعْدَهُ قَضَاءً وَإِنَّمَا يَقَعُ مَا مَرَّ ضَحِيَّةً بِذَبْحِهِ (إذَا نَوَى) بِهِ (ذَاكَ) أَيْ: الْمُضَحِّي التَّضْحِيَةَ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ (وَلَوْ) كَانَ (مُقَدِّمًا) لِنِيَّتِهَا عَلَى الذَّبْحِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَلَوْ قَالَ جَعَلْتُ هَذِهِ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً اُعْتُبِرَتْ النِّيَّةُ وَلَا يُغْنِي عَنْهَا التَّعْيِينُ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ؛ لِأَنَّ التَّضْحِيَةَ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهَا فَتَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ

(لَا إنْ بِهَذَيْنِ) أَيْ: النِّيَّةِ وَالذَّبْحِ (يُوَكِّلُ مُسْلِمَا) فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ نِيَّةُ الْمُضَحِّي بَلْ تَكْفِي نِيَّةُ الْوَكِيلِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَ فِي الذَّبْحِ كَافِرًا يَحِلُّ ذَبْحُهُ لَا يَجُوزُ تَفْوِيضُ النِّيَّةِ إلَيْهِ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي نُسْخَةٍ فِي قَوْلِهِ

قُلْتُ صَوَابُ هَذِهِ الْكَيْفِيَّهْ ... أَنْ لَا يُوَكِّلَ كَافِرًا فِي النِّيَّهْ

لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ وَلَا يُوَكِّلَ الْمَجُوسُوِي وَالْوَثَنِيَّ إذْ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمَا بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالصَّبِيِّ وَهُمَا أَوْلَى مِنْ الْكِتَابِيِّ، وَالْحَائِضُ أَوْلَى مِنْ الصَّبِيِّ وَلَا يُوَكِّلُ الْمَجْنُونَ وَالسَّكْرَانَ فِي النِّيَّةِ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُمَا

(بِجَعْلِهِ) أَيْ: مَا يُضَحِّي بِهِ أَيْ: بِسَبَبِ جَعْلِ الْمَالِكِ إيَّاهُ (ضَحِيَّةً) ابْتِدَاءً، أَوْ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ (تَعَيَّنَا لَهَا) وَزَالَ عَنْ مِلْكِهِ كَقَوْلِهِ هَذَا ضَحِيَّةٌ أَوْ جَعَلْتُهُ ضَحِيَّةً وَأَطْلَقَ أَوْ جَعَلْتُهُ ضَحِيَّةً عَنْ نَذْرِي أَوْ عَيَّنْته ضَحِيَّةً لِنَذْرِي.

(كَذَا) يَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَهُ لَهَا (بِنَذْرِهِ مُعَيَّنَا) ابْتِدَاءً أَوْ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذَا أَوْ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذَا عَنْ نَذْرِي وَيَزُولَ عَنْ مِلْكِهِ، وَكَذَا مَا عَيَّنَهُ لِلْهَدْيِ كَقَوْلِهِ جَعَلْتُ هَذَا هَدْيًا أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يُورِثُ الْهُزَالَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ هُزَالٌ (قَوْلُهُ: كَمَا يُجْزِئُ ذَكَرُ الْمَعْزِ) مَعَ أَنَّهُ لَا أَلْيَةَ وَلَا ضَرْعَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مُقَدِّمًا لِنِيَّتِهَا عَلَى الذَّبْحِ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْهَا عِنْدَهُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَإِنَّمَا يُعْتَدُّ بِتَقْدِيمِهَا عِنْدَ تَعْيِينِ الْأُضْحِيَّةَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْمُرَادُ تَعْيِينُهَا بِالشَّخْصِ أَوْ بِالنَّوْعِ عَلَى الْأَوْجَهِ كَنِيَّتِهَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ الَّتِي فِي مِلْكِهِ الَّتِي سَيَمْلِكُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ أَيْضًا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ) وَلَا يَكْفِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ شِبْهِ تَنَاقُضٍ وَقَعَ لِلشَّيْخَيْنِ تَعَيُّنُهَا بِقَوْلِهِ جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً أَوْ عَنْ نَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ عَنْ النِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ أَيْ: أَوْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهَا فَوَجَبَتْ النِّيَّةُ فِيهَا بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ بِالنَّذْرِ فَلَا يَجِبُ فِيهَا نِيَّةٌ حَجَرٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَنْ نَذْرٍ إلَخْ إنْ أُرِيدَ التَّعْيِينُ عَنْهُ بِالْجُعْلِ وَإِلَّا خَالَفَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْجَوَابُ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْآتِي فِي شَرْحِ وَذَبْحُ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ

(قَوْلُهُ: لَا أَنَّ بِهَذَيْنِ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي الْإِرْشَادِ هَذَا يُفْهِمُ عَدَمَ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ قَالَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَفْوِيضِ النِّيَّةِ إلَى غَيْرِهِ فِي الْعِبَادَاتِ وَقَدْ جَازَ فِيمَا إذَا كَانَتْ تَبَعًا فَلَا يَجُوزُ فِيهَا مُسْتَقِلَّةً. اهـ.

وَهُوَ قَاصِرٌ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ، ثُمَّ لَوْ وَكَّلَ شَخْصًا بِالذَّبْحِ وَآخَرَ بِالنِّيَّةِ اتَّجَهَ الْمَنْعُ أَيْضًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَأَقُولُ الْوَجْهَ خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ هُوَ وَالْجَوْجَرِيُّ وَإِجْزَاءُ التَّوْكِيلِ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ سَوَاءٌ النِّيَّةُ وَالذَّبْحُ وَإِجْزَاءُ تَوْكِيلٍ وَاحِدٍ فِي النِّيَّةِ وَآخَرَ فِي الذَّبْحِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ خِلَافَ مَا ذَكَرَاهُ قَوْلُ الشَّرْحِ الْآتِي بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَ فِي الذَّبْحِ كَافِرًا إلَخْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْكَافِرِ فِي الذَّبْحِ دُونَ النِّيَّةِ وَكَذَا النُّسْخَةُ الَّتِي نَقَلَهَا هُنَاكَ عَنْ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُوَكِّلَ كَافِرًا فِي النِّيَّةِ) أَخْرَجَ تَوْكِيلَهُ فِي الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ تَوْكِيلِ الصَّبِيِّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي النِّيَّةِ) مَفْهُومُهُ جَوَازُ تَوْكِيلِهِمَا فِي الذَّبْحِ وَفِي صِحَّةِ تَوْكِيلِهِمَا إذَا لَمْ يَتَعَدَّيَا بِالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ وَإِنْ صَحَّ ذَبْحُهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ إلَخْ) لَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ عَيَّنَ لَهُ عَبْدًا تَعَيَّنَ كَالْأُضْحِيَّةِ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ حَظٌّ فِي الْعِتْقِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأُذُنَ عُضْوٌ لَازِمٌ غَالِبًا) أَوْرَدَ عَلَيْهِ الذَّنَبَ فَإِنَّهُ لَازِمٌ غَالِبًا وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ

(قَوْلُهُ: لَا يَزُولُ مِلْكُهُ إلَخْ) وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَإِبْدَالُهُ. اهـ. أَنْوَارٌ لَكِنْ لَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ أَخَذَ النَّاذِرُ قِيمَتَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِلْكُهُ وَمُسْتَحِقُّ الْعِتْقِ الْعَبْدُ وَقَدْ هَلَكَ وَهَذَا إذَا نَذَرَ عِتْقَ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ أَمَّا إذَا نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ، ثُمَّ عَيَّنَ عَبْدًا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُ عِتْقُ غَيْرِهِ مَعَ وُجُودِهِ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ فَقَدْ نَصَّ فِي التُّحْفَةِ عَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ عِتْقُ غَيْرِهِ مَعَ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْهُ بِالتَّعْيِينِ فَرَاجِعْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015