مِنْهُمَا بِعْتُك الْحَمَامَ الَّذِي لِي فِي هَذَا الْبُرْجِ بِكَذَا فَيَكُونُ الثَّمَنُ مَعْلُومًا وَيُحْتَمَلُ الْجَهْلُ بِالْمَبِيعِ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ تَقَاسَمَا صَحَّ مَعَ الْجَهْلِ لِلضَّرُورَةِ وَالْمَقْصُودُ فَصْلُ الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا

[باب الأضحية]

(بَابُ الْأُضْحِيَّةِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا، وَجَمْعُهَا أَضَاحِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا، وَيُقَالُ ضَحِيَّةٌ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا، وَجَمْعُهَا ضَحَايَا، وَيُقَالُ أَضْحَاةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَجَمْعُهَا أَضْحَى كَأَرْطَاةَ وَأَرْطَى، وَهُوَ مَا يُذْبَحُ مِنْ النَّعَمِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] أَيْ: صَلِّ صَلَاةَ الْعِيدِ وَانْحَرْ النُّسُكَ، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «ضَحَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» وَالْأَمْلَحُ قِيلَ الْأَبْيَضُ الْخَالِصُ وَقِيلَ الَّذِي بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ وَلَيْسَتْ التَّضْحِيَةُ وَاجِبَةً لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا لَا يُضَحِّيَانِ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى النَّاسُ ذَلِكَ وَاجِبًا بَلْ هِيَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ تَتَأَدَّى بِفِعْلِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ لَهَا، وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا وَإِنَّمَا تُسَنُّ لِمُسْلِمٍ قَادِرٍ حُرٍّ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَهِيَ مِنْهُ تَبَرُّعٌ فَيَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي سَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ

. (ضَحَّى ثَنِيَّ) أَيْ: بِثَنِيِّ (إبِلٍ) وَهُوَ مَا طَعَنَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ. (وَ) بِثَنِيِّ (بَقَرِ) وَهُوَ مَا طَعَنَ فِي الثَّالِثَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَاذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ» . قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمُسِنَّةُ هِيَ الثَّنِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَمَا فَوْقَهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الثَّنَايَا تَتَهَيَّأُ لِلْحَمْلِ وَالنَّزَوَانِ فَانْتِهَاؤُهَا إلَى هَذَا الْحَدِّ كَبُلُوغِ الْآدَمِيِّ، وَحَالُهَا قَبْلَهُ كَحَالِ الْآدَمِيِّ قَبْلَ بُلُوغِهِ. اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ تَتَهَيَّأُ لِذَلِكَ قَبْلَ هَذَا الْحَدِّ وَقَضِيَّةُ الْخَبَرِ أَنَّ جَذَعَةَ الضَّأْنِ لَا تُجْزِئُ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ الْمُسِنَّةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَحَمَلُوا الْخَبَرَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَتَقْدِيرُهُ يُسْتَحَبُّ لَكُمْ أَنْ لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً فَإِنْ عَجَزْتُمْ فَجَذَعَةَ ضَأْنٍ وَ (عَنْ سَبْعَةٍ) مِنْ الْأَشْخَاصِ (يُجْزِي) أَيْ: الثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كَمَا يُجْزِئُ عَنْهُمْ فِي التَّحَلُّلِ لِلْإِحْصَارِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» (وَإِنْ بَعْضٌ) مِنْ السَّبْعَةِ (عَرِيّ عَنْ كَوْنِهِ ضَحَّى) أَيْ: عَنْ التَّضْحِيَةِ بِأَنْ لَمْ يُرِدْهَا كَأَنْ أَرَادَ اللَّحْمَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ قَصَدَ التَّضْحِيَةَ سُبُعٌ (وَ) يُجْزِئُ الثَّنِيُّ مِنْهُمَا أَيْضًا عَنْ (سَبْعِ غَنَمِ) لَزِمَتْ الشَّخْصَ بِأَسْبَابٍ كَقِرَانٍ، وَتَمَتُّعٍ، وَمَحْظُورَاتِ إحْرَامٍ وَنَذْرِ تَصَدُّقٍ وَتَضْحِيَةٍ بِشَاةٍ (إلَّا لِصَيْدِ مُحْرِمٍ وَالْحَرَمِ) أَيْ:

ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُ الْأُضْحِيَّةَ) (قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ إلَخْ) هَلْ الْمُشَدَّدُ جَمْعُ الْمُشَدَّدِ وَالْمُخَفَّفُ جَمْعُ الْمُخَفَّفِ (قَوْلُهُ: وَانْحَرْ النُّسُكَ) أَيْ: وَهُوَ الضَّحِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَالْأَمْلَحُ إلَخْ) قَرْنُ ذِي الْقَرَنِ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ) أَيْ: وَسُنَّةُ عَيْنٍ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ الَّذِي لَيْسَ فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِفِعْلِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ) أَيْ: عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ بَعْضَهُمْ مُؤْنَةُ بَعْضٍ حَجَرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا وَإِنْ سُنَّتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَإِنْ تَرَكُوهَا كُلُّهُمْ كُرِهَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الثَّوَابَ فِيمَا ذُكِرَ لِلْمُضَحِّي خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ كَمَا فِي الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: فَيَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي إلَخْ) لَيْسَ فِي ذَلِكَ إيضَاحٌ بِأَنَّهَا تُسَنُّ لَهُ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ وَفِي الرَّوْضِ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَضَحَّى وَقَعَتْ عَنْهُ أَيْ: عَنْ الْمُكَاتَبِ

(قَوْلُهُ: أَيْ: بِثَنِيٍّ) مَا الْمَانِعُ مِنْ نَصْبِهِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ عَلَى تَضْمِينِ ضَحَّى مَعْنَى ذَبَحَ أَيْ: ضَحَّى ذَابِحًا ثَنِيَّ إبِلٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَثِيرًا إلَخْ) لَا يَرِدُ نَظَرًا لِلْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَعَنْ سَبْعَةٍ) أَيْ: مَعَ أَهْلِ بَيْتِهِمْ يُجْزِئُ لَوْ اشْتَرَكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فِي بَدَنَتَيْنِ عَلَى الشُّيُوعِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إذْ كُلٌّ لَا يَخُصُّهُ إلَّا سُبُعُ الْبَدَنَتَيْنِ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ كُلٍّ إلَّا نِصْفُ سُبُعٍ وَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ بَلْ لَا يُجْزِئُ إلَّا سُبُعٌ كَامِلٌ مِنْ الْبَدَنَةِ الْوَاحِدَةِ وَقَدْ صَرَّحُوا فِيمَا لَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي شَاتَيْنِ شَائِعًا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعْضٌ عَرَى إلَخْ) هَلْ يُجْزِئُ هُنَا تَقْدِيمُ مُرِيدِ الْأُضْحِيَّةِ النِّيَّةَ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ إرَادَةَ شَرِيكِهِ غَيْرَ التَّضْحِيَةِ صَارِفٌ فِيهِ نَظَرٌ وَالْإِجْزَاءُ غَيْرُ بَعِيدٍ وَإِرَادَةُ الشَّرِيكِ إنَّمَا تُصْرَفُ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ) أَيْ: مَعَ أَهْلِ بَيْتِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِصَيْدِ مُحْرِمٍ وَالْحَرَمِ) قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الذَّبْحِ، أَمَّا لَوْ أَرَادَ التَّقْوِيمَ أَوْ التَّعْدِيلَ كَمَا هُوَ صِفَةُ دَمِ الْجَزَاءِ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ بَلْ ذَلِكَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ بِمِائَةٍ مَكَانَ عَشَرَةٍ أَفْضَلُ. اهـ.

قِيلَ وَهُوَ جَلِيٌّ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِمَا أَيْ: الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْبَدَنَةِ فِيهَا قِيمَةُ الشَّاةِ أَوْ الشِّيَاهِ، وَزِيَادَةٌ إذْ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ: مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قُوِّمَ السُّبُعُ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَةِ الشَّاةِ أَجْزَأَهُ وَنَقْلُ بَعْضِهِمْ إجْمَاعَ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي الْجَزَاءِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهَا بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَالَهُ وَأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ التَّعْدِيلَ بِمَعْنَى الْوَاوِ. اهـ.

قُلْت وَفِي قَوْلِهِ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ إلَخْ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ حَيْثُ سَاوَتْ قِيمَتُهُ الشَّاةَ كَانَ فِيهِ اعْتِبَارٌ بِقِيمَةِ الشَّاةِ وَذَلِكَ كَافٍ فَلَا وَجْهَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ الْأُضْحِيَّةَ]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015