يَجُوزُ خَرَّجَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ الْجَوَازَ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَالتَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِ الشُّرْبِ لِلتَّدَاوِي، وَالظَّمَأِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ الْحَدِّ فِي الشُّرْبِ لِلتَّدَاوِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ، وَمِثْلُهُ الشُّرْبُ لِلظَّمَأِ، وَلَمْ يُصَحِّحْ مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبِ كَالرَّافِعِيِّ فِيهِمَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا قَالَا قَالَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ لَا حَدَّ بِالتَّدَاوِي بِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْحُرْمَةِ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ فِي حِلِّ شُرْبِهِ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ الْمُعْتَبِرُونَ أَقْوَالَهُمْ أَنَّهُ حَرَامٌ وَجَبَ لِلْحَدِّ، ثُمَّ قَالَا فِي الشُّرْبِ لِلظَّمَأِ، وَإِذَا حَرَّمْنَاهُ فَفِي الْحَدِّ خِلَافٌ كَالتَّدَاوِي، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِمَا، فَيَكُونُ هُوَ الْأَصَحُّ مَذْهَبًا، وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ شَيْخُنَا الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ، وَالْجُوعُ كَالظَّمَأِ فِيمَا ذُكِرَ (وَ) لَا بِشُرْبِهِ لِأَجْلُ (غُصَّةٍ) بِلُقْمَةٍ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (حَيْثُ سِوَاهُ) مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْإِسَاغَةُ (عُدِمَا) ، وَيَجِبُ الْإِسَاغَةُ بِهِ حِينَئِذٍ (وَلَوْ بِجَهْلِهِ وُجُوبَ الْحَدِّ) بِشُرْبِ الْمُسْكِرِ فَيُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْحُرْمَةَ فَحَقُّهُ أَنْ يَمْتَنِعَ (لَا) إنْ جَهِلَ (حُرْمَةً) لِشُرْبِهِ (لِأَجْلِ قُرْبِ الْعَهْدِ) مِنْهُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ لِنَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، فَلَا حَدَّ لِجَهْلِهِ (أَوْ ظَنَّهُ غَيْرًا) أَيْ: غَيْرَ مُسْكِرٍ، فَلَا يُحَدُّ لِعُذْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مِمَّا يُسْكِرُ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُسْكِرُ (وَذَا) أَيْ: مَنْ جَهِلَ حُرْمَتَهُ، أَوْ ظَنَّهُ غَيْرَ مُسْكِرٍ (بِالسُّكْرِ) أَيْ: بِسَبَبِ سُكْرِهِ بِمَا جَهِلَ حُرْمَتَهُ، أَوْ ظَنَّهُ غَيْرَ مُسْكِرٍ (أَحْكَامُ إغْمَاءٍ عَلَيْهِ تَجْرِي) حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةِ زَمَنَ سُكْرِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِجَرَيَانِ أَحْكَامِ الْإِغْمَاءِ عَلَيْهِ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي فَمُغْمًى عَلَيْهِ.
(يَضْرِبُهُ) أَيْ: بِشُرْبِ الْمُلْتَزِمِ الْمَذْكُورِ مَا ذُكِرَ يَضْرِبُهُ (الْإِمَامُ) وُجُوبًا، وَلَوْ بِنَائِبِهِ، وَزَادَ قَوْلَهُ الْإِمَامُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ مِنْ، وَظِيفَتِهِ (دُونَ الْكَفَرَهْ) ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ (بِالشُّرْبِ) لِمُسْكِرٍ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا تَحْرِيمَهُ، وَتَعْبِيرُ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: لَا الذِّمِّيِّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ مُوفٍ بِذَلِكَ بَعْضُهُ بِالْمَنْطُوقِ، وَبَعْضُهُ بِمَفْهُومِ، أَوْلَى، وَكَأَنَّهُ عَبَّرَ بِالذِّمِّيِّ لِدَفْعِ إيهَامِ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُلْتَزِمِ الْأَحْكَامِ مَا يَعُمُّ مُلْتَزِمَ بَعْضَهَا، وَقَيَّدَ مَسْأَلَتَهُ بِالْخَمْرِ لِأَنَّهُ قَدَّمَ عَلَيْهَا مَسْأَلَةَ الْحَنَفِيِّ الْآتِيَةَ مُقَيَّدَةً بِشُرْبِ النَّبِيذِ فَلَوْ أَطْلَقَهَا لَتُوُهِّمَ تَقْيِيدُهَا بِالنَّبِيذِ أَيْضًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالنَّاظِمُ لَمَّا أَخَّرَ عَنْهَا مَسْأَلَةَ الْحَنَفِيِّ لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْخَمْرِ، بَلْ عَبَّرَ بِالشُّرْبِ الشَّامِلِ لِشُرْبِ الْخَمْرِ، وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ.
(قُلْتُ هَذِهِ) أَيْ: مَسْأَلَةُ الْكَفَرَةِ (مُكَرَّرَهْ) فِي الْحَاوِي حَيْثُ (أَوْرَدَهَا مُنْشِيهِ فِي) بَابِ (الزِّنَا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَفِي هَذَا) الْبَابِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُورِدْهَا فِيهِمَا عُلِمَ حُكْمُهَا مِنْ تَعْبِيرِهِ كَالْوَجِيزِ بِمُلْتَزِمٍ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ فِي عُجَابِهِ كَالرَّافِعِيِّ بِمُلْتَزِمِ تَحْرِيمِ الْمَشْرُوبِ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُلْتَزِمُ لِجَمِيعِ الْأَحْكَامِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْبِيرُ كَثِيرٍ بِمُلْتَزِمِ الْأَحْكَامِ، وَمَنْ أَدْخَلَ فِيهِ الذِّمِّيَّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَقَدْ تَجَوَّزَ (وَحُدَّ لِلنَّبِيذِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ: فِي الْغُصَّةِ، وَعَدَمِ إرْجَاعِهِ لِمَا هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي الْقَيْدِ رُجُوعَهُ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَهُ م ر
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَطْلَقَا لَتُوُهِّمَ تَقْيِيدُهَا بِالنَّبِيذِ أَيْضًا) ، فَيَفُوتُ إفَادَةُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِالْخَمْرِ أَيْضًا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْحَدِّ عَنْهُ بِالنَّبِيذِ الْمُخْتَلِفِ نَفْيُ الْحَدِّ عَنْهُ بِالْخَمْرِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ صَنِيعِهِ، فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ عَدَمِ حَدِّهِ بِالْخَمْرِ عَدَمُ حَدِّهِ بِالنَّبِيذِ بِالْأَوْلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِشُرُوطِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَزَمَا) أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ، وَزَادَ الشَّارِحُ لَفْظَةَ إنْ تَنْبِيهًا عَلَى الْخِلَافِ، وَأَنَّهُ لَا حَدَّ، وَإِنْ جَرَيْنَا عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ حَرَامٌ، وَحَاصِلُ حُكْمِ التَّنَاوُلِ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ حَرَامٌ بِاتِّفَاقٍ، وَعِنْدَهَا، وَهِيَ غَيْرُ ضَرُورِيَّةٍ حَرَامٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَعِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَاجِبٌ. اهـ. تَقَرَّرَ مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا، وَحَرُمَا) ، وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ إذَا سَكِرَ مِمَّا شَرِبَهُ لِعَطَشٍ، أَوْ تَدَاوٍ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ: فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ:، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ الْجَوَازَ أَيْ: جَوَازَ تَعَاطِي مَا يُزِيلُ الْعَقْلَ كَالْبَنْجِ لِمَا ذُكِرَ، أَمَّا الْمُسْكِرُ، فَلَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ) أَيْ: النَّقْلِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الْوُجُوهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَا فِي الشُّرْبِ لِلظَّمَأِ، وَإِذَا حَرَّمْنَاهُ إلَخْ.) أَيْ: إذَا قُلْنَا بِتَحْرِيمِهِ، وَهُوَ أَصَحُّ الْأَوْجُهِ الْخَمْسَةِ الَّتِي ذَكَرَاهَا فِي الرَّوْضَةِ حَيْثُ قَالَا، وَأَمَّا شُرْبُهَا لِلتَّدَاوِي، وَالْعَطَشِ، وَالْجُوعِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا فَفِيهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا، وَالْمَنْصُوصُ، وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ: لَا يَجُوزُ، وَسَاقَا بَاقِي الْأَوْجُهِ قَالَا: قَالَ الْقَاضِي إلَخْ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَاهُ فِي الْحَدِّ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا كَمَا هُوَ قَيْدٌ لِلتَّحْرِيمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ إذْ لَوْ وَجَدَ غَيْرَهَا فَالتَّحْرِيمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالْحَدُّ سَكَتَا عَنْ الْخِلَافِ فِيهِ حِينَئِذٍ لَكِنَّهُمَا نَقَلَا فِي غَيْرِ الرَّوْضَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ، وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ هُوَ الْأَصَحُّ) ضَعَّفَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ إبَاحَتِهَا حِينَئِذٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الزِّنَا شُبْهَةٌ لِدَفْعِ حَدِّهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَحْ بِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ
(قَوْلُهُ: بِمُلْتَزِمِ الْأَحْكَامِ) أَيْ: