أَوْ نَامَ غَيْرَ مُعْتَكِفٍ فَكَمَا لَوْ نَامَ فِي الطَّرِيقِ حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ.
(وَحَيْثُ) كَانَ (هَذَا الْفِعْلُ) أَيْ الْحَفْرُ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الضَّارِّ لِاتِّسَاعِ الشَّارِعِ، أَوْ لِانْعِطَافِ مَحَلِّ الْحَفْرِ (لِغَرَضِ الْحَافِرِ) فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (لَا إنْ صَدَرَا إذْنُ الْإِمَامِ) فِيهِ، أَوْ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَفْرِ بِدُونِ إذْنِهِ فَلَا ضَمَانَ إذْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ النَّاسِ بِقِطْعَةٍ مِنْ الشَّارِعِ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ لِغَرَضٍ عَامٍّ كَالِاسْتِقَاءِ وَجَمْعِ مَاءِ الْمَطَرِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِيهِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ (وَلَهُ أَنْ يَحْفِرَا) بِئْرًا فِي شَارِعٍ لِغَرَضِهِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِيهِ مَعَ ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ آنِفًا (مِثْلَ) جَوَازِ شِرَاعِ (الْجَنَاحِ) إلَى شَارِعٍ إذَا لَمْ يَضُرَّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الصُّلْحِ مَعَ ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِيهِ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْحَفْرِ بِأَنَّ لِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ مَدْخَلًا فِي الشَّوَارِعِ بِخِلَافِ الْهَوَاءِ.
وَلَوْ أَشْرَعَ جَنَاحًا إلَى سِكَّةٍ مُنْسَدَّةٍ بِإِذْنِ أَهْلِهَا جَازَ وَلَا ضَمَانَ لِإِذْنِ الْمَالِكِ (وَ) مِثْلُ جَوَازِ (الْبِنَاءِ) إذَا (وَضَعَهْ ذَا مَيَلٍ) أَيْ: مَائِلًا إلَى الشَّارِعِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِيهِ مَعَ ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ كَيْفَ شَاءَ (لَا أَنْ يَمِلْ) إلَى الشَّارِعِ، أَوْ مِلْكِ جَارِهِ، أَوْ غَيْرِهِمَا بَعْدَ بِنَائِهِ مُسْتَوِيًا وَيَسْقُطَ وَيَتْلَفَ بِهِ شَيْءٌ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ هَدْمِهِ وَإِصْلَاحِهِ سَوَاءٌ طُولِبَ بِالنَّقْضِ أَمْ لَا إذْ لَا صُنْعَ لَهُ فِي الْمَيَلِ وَكَذَا لَوْ سَقَطَ فِي الشَّارِعِ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى تَلِفَ بِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ، وَالْمَيَلُ بِفَتْحِ الْيَاءِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَا كَانَ خِلْقَةً يُقَالُ مِنْهُ رَجُلٌ أَمْيَلُ الْعَاتِقِ فِي عُنُقِهِ مَيَلٌ
(وَيَسَعُهُ فِي الْمِلْكِ) أَيْ: وَكَحَفْرِهِ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ مَعَ تَوْسِيعِهَا (فَوْقَ عَادَةٍ) لِلنَّاسِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ لِجَارِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ وَكَذَا لَوْ قَرُبَ الْحَفْرُ مِنْ جِدَارِ غَيْرِهِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، أَوْ طَرَحَ فِي أَصْلِ جِدَارِ جَارِهِ نَحْوَ زِبْلٍ فَأَفْسَدَهُ، أَوْ سَقَى أَرْضَهُ فَانْتَشَرَ الْمَاءُ مِنْ شَقٍّ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ إنْ كَانَ جَاوَزَ الْعَادَةَ فِي قَدْرِ الْمَاءِ، أَوْ عَلِمَ بِالشَّقِّ وَلَمْ يَحْتَطْ لَهُ بِخِلَافِ التَّصَرُّفِ الْمُعْتَادِ فِي مِلْكِهِ إذْ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى حَرَجٍ عَظِيمٍ وَيَنْجَرُّ إلَى بُطْلَانِ فَائِدَةِ.
الْمِلْكِ فَلَوْ وَضَعَ جَرَّةً بِطَرَفِ سَطْحِهِ فَأَلْقَاهَا الرِّيحُ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَتْهُ، أَوْ كَسَرَ حَطَبًا فِي مِلْكِهِ فَتَطَايَرَ مِنْهُ قِطْعَةٌ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ إذْ الْمُلَّاكُ لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْ مِثْلِهِ بِخِلَافِ إشْرَاعِ الْجَنَاحِ (وَصَاحَا) أَيْ: وَكَانَ صَاحَ (بِالطِّفْلِ) أَيْ: عَلَيْهِ (قُلْت، أَوْ نَضَّى) أَيْ: سَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ بَصِيرٌ (سِلَاحَا، فَجُنَّ، أَوْ أَرْعَدَهُ) الْأَوْلَى، أَوْ ارْتَعَدَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ (فَطَاحَا) أَيْ فَسَقَطَ (مِنْ عُلْوٍ) كَسَطْحٍ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جُنَّ، أَوْ ارْتَعَدَ وَمَاتَ بَعْدَ الصَّيْحَةِ، أَوْ نَحْوِهَا بِمُدَّةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا سُقُوطٍ، أَوْ بِسُقُوطٍ بِلَا ارْتِعَادٍ إذْ الْمَوْتُ بِمُجَرَّدِ الصَّيْحَةِ، أَوْ نَحْوِهَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَخَرَجَ بِالطِّفْلِ الْبَالِغُ، وَالْمُرَاهِقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ لَمْ يَضُرَّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا امْتِنَاعُ الْغَرْسِ وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ خِلَافُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ لِنَفْسِهِ يَجُوزُ إذَا أَذِنَ كَمَا أَفْهَمَهُ هَذَا الْكَلَامُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِذْنِ، وَسَكَتَ عَنْ السِّقَايَةِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهَا نَظِيرُ الدَّكَّةِ بِبَابِ دَارِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَامَ غَيْرَ مُعْتَكِفٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ امْتَنَعَ، وَقَوْلُهُ: فَكَمَا لَوْ نَامَ فِي الطَّرِيقِ فَيَفْصِلُ بَيْنَ الْوَاسِعِ وَالضَّيِّقِ. (قَوْلُهُ: بِدُونِ إذْنِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْحَفْرِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِيهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ نَهَاهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ، وَخَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَحْكَمَ رَأْسَهَا، فَإِنْ لَمْ يُحْكِمْهَا، وَتَرَكَهَا مَفْتُوحَةً ضَمِنَ مُطْلَقًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَحْفِرَ) يُشْكِلُ عَلَى الْجَوَازِ مَا مَرَّ فِي بَابِ الصُّلْحِ مِنْ مَنْعِ الْغَرْسِ وَالدَّكَّةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِرّ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَرْفَعْهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهِ م ر. قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهِ ضَمِنَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمُخْتَارُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ جُنَّ، أَوْ ارْتَعَدَ وَمَاتَ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَجُنَّ، وَقَوْلِهِ: أَوْ أَرْعَدَهُ مُصَوَّرٌ بِالْمَوْتِ عَقِبَهُ وَلَكِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQخَرَجَ غَيْرُهُ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الْوَاسِعِ، وَالضَّيِّقِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ غَيْرُ الضَّارِّ) أَمَّا الضَّارُّ فَيَمْتَنِعُ بِلَا تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ: مَعَ ضَمَانِ مَا تَلِفَ) أَيْ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ مَدْخَلًا فِي الشَّوَارِعِ) يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ الصُّلْحِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَمِثْلُهُ سم فَرَاجِعْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَشْرَعَ إلَخْ) مَحَلُّهُ فِي الدَّرْبِ إذَا خَلَا عَنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ كَبِئْرٍ مُحْتَرَزٍ وَإِلَّا فَكَالشَّارِعِ اهـ.
ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ جَوَازِ الْبِنَاءِ إلَخْ) وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى نَقْضِهِ وَإِصْلَاحِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِلْعَامَّةِ نَقْضُهُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ اهـ.
ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: فَجُنَّ، أَوْ ارْتَعَدَ) اُشْتُرِطَ هَذَا لِكَوْنِهِ دَالًّا عَلَى الْإِحَالَةِ عَلَى السَّبَبِ إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مُوَافَقَةَ قَدَرٍ اهـ.
م ر وَقَالَ ق ل: الْوَجْهُ اعْتِبَارُ نِسْبَةِ الْوُقُوعِ إلَى الصِّيَاحِ سَوَاءٌ ارْتَعَدَ، أَوْ لَا اهـ.
وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: فَطَاحَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ مَكَانَهُ فَهَدَرٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ ابْتِدَاءِ الْوُقُوعِ اهـ.
ق ل (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ مَا أَفَادَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْفَوْرِيَّةَ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر إنَّ الْفَوْرِيَّةَ غَيْرُ شَرْطٍ حَيْثُ