يَلِيقُ بِهِ إذْ تَفْوِيضُ مِثْلِ ذَلِكَ إلَيْهِ إنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الِاسْتِنَابَةُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي أَنَّ الْوَكِيلَ فِيمَا لَا يُحْسِنُهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ لَهُ، ثُمَّ إنْ قَالَ لَهُ فِي الْإِذْنِ: وَكِّلْ عَنِّي أَوْ أَطْلَقَ فَالثَّانِي الْمُوَكِّلُ، أَوْ عَنْ نَفْسِك فَهُوَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ لَا الْمُوَكِّلِ لَكِنَّهُ فَرْعُ الْفَرْعِ فَيَكُونُ فَرْعَ الْأَصْلِ فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ.
وَإِذَا وَكَّلَهُ بِالْقَرِينَةِ فَلْيُوَكِّلْ عَنْ الْمُوَكِّلِ فَلَوْ وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَلَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ إلَّا أَمِينًا إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ غَيْرَهُ وَلَوْ وَكَّلَ أَمِينًا فَفَسَقَ لَمْ يَمْلِكْ عَزْلَهُ عَلَى الْأَقْيَسِ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْأَصَحِّ فِي الْمِنْهَاجِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ إذْنٌ وَلَا قَرِينَةٌ فَلَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ وَلَيْسَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ فِي تَوْكِيلِهِ بِشَيْءٍ افْعَلْ مَا شِئْت، أَوْ كُلُّ مَا تَصْنَعُ فِيهِ جَائِزٌ إذْنًا فِي التَّوْكِيلِ.
(كَالْقَاضِي) فَإِنَّهُ إنَّمَا (يُنِيبُ عَنْهُ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهُ وَهُوَ بِمَعْنَى عَنْهُ أَيْ عَنْ نَفْسِهِ بِإِذْنِ مُنِيبِهِ لَهُ فِي الْإِنَابَةِ، أَوْ بِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمَا أُنِيبَ فِيهِ لِاتِّسَاعِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَأَفَادَ بِزِيَادَتِهِ عَنْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يُنِيبُ عَنْهُ لَا عَنْ مُنِيبِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِنَابَةِ عَنْهُ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: اسْتَنِبْ عَنِّي، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ أَنَّ الْغَرَضَ فِي إنَابَتِهِ لِغَيْرِهِ إعَانَتُهُ فَكَانَ هُوَ الْمُرَادَ، وَالْوَكِيلُ نَاظِرٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَى إرَادَتِهِ
(وَنَحْوِ بَيْعٍ وَشِرَا مِنْ ذِي عَمَى) بِزِيَادَةِ لَفْظَةِ نَحْوُ عَلَى الْحَاوِي أَيْ الْوَكَالَةُ تَصِحُّ مِنْ الْمُتَمَكِّنِ مِمَّا مَرَّ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ وَمِنْ الْأَعْمَى فِي نَحْوِ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَأَخْذِ شُفْعَةٍ وَسَائِرِ الْعُقُودِ الْمُتَوَقَّفِ صِحَّتُهَا عَلَى الرُّؤْيَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا لِلضَّرُورَةِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ اعْتِبَارِ تَمَكُّنِ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَحِقُّ بِاسْتِيفَاءِ قِصَاصِ طَرَفٍ، أَوْ حَدِّ قَذْفٍ وَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ مَنْ يَقْبِضُ الثَّمَنَ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَا لَوْ وَكَّلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لَا عَنْهَا بَلْ عَنْهُ، أَوْ مُطْلَقًا فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ وَمَا لَوْ وَكَّلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSجَهْلِ الْمُوَكِّلِ بِحَالِهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: ظَاهِرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ التَّمَكُّنُ شَرْعًا بِأَنْ يَسُوغَ لَهُ التَّصَرُّفُ لَوْ تَمَكَّنَ حِسًّا فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَكِيلُ الْوَكِيلِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَلَا يَعْزِلُهُ الْوَكِيلُ وَإِنْ فَسَقَ اهـ وَكَذَا لَا يَعْزِلُهُ الْوَكِيلُ وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ قَالَ: عَنِّي وَعَنْك فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلٍ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَانْعِزَالٍ بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْوَكِيلُ اهـ (فَرْعٌ)
هَلْ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُقِيمَ وَكِيلًا عَنْ الْوَكِيلِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِمَامِ مَعَ الْقَاضِي مَحَلُّ نَظَرٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ فِسْقَ الْمُعَيَّنِ دُونَ الْمُوَكِّلِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءٍ مُعَيَّنٍ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ دُونَ الْمُوَكِّلِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ: وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّعَيُّنِ أَنَّهُ لَوْ عَمَّمَ فَقَالَ: وَكِّلْ مَنْ شِئْت لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْأَمِينِ لَكِنَّهُمْ قَالُوا فِي النِّكَاحِ إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت جَازَ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْأَكْفَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيَاسُهُ الْجَوَازُ هُنَا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ يَصِحُّ وَلَا خِيَارَ لَهَا وَهُنَا يُسْتَدْرَكُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وُكِّلَ الْفَاسِقُ فَبَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا يَصِحُّ، أَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا ثَبَتَ الْخِيَارُ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّوْكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ حِفْظُهَا وَتَحْصِيلُ مَقَاصِدَ فِيهِ وَهَذَا يُنَافِيه تَوْكِيلُ الْفَاسِقِ بِخِلَافِ الْكَفَاءَةِ فَإِنَّهُ صِفَةُ كَمَالٍ وَقَدْ تُسَامِحُ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِهَا لِحَاجَةِ الْقُوتِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرُ الْكُفْءِ أَصْلَحَ لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ هُنَا إنَّمَا قَصَدَ التَّوْسِعَةَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ النَّظَرِ لَهُ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ فَاسِقًا فَزَادَ فِسْقُهُ فَيَظْهَرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ، نَظِيرُهُ فِيمَا لَوْ زَادَ فِسْقُ عَدْلٍ الرَّهْنَ اهـ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُحْسِنِ لِلتَّأَمُّلِ أَنَّ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَقْوَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْ عَزْلَهُ) هَذَا وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يُوَكِّلْ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ عَزْلَهُ بِدُونِ فِسْقٍ فَمَعَهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْ عَزْلَهُ) فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَجَزَ إلَخْ) هَلْ شَرْطُهُ كَوْنُ الْمُنِيبِ عَالِمًا بِعَجْزِهِ فَإِنْ جَهِلَهُ امْتَنَعَتْ إنَابَتُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَكِيلِ فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الْوَكِيلِ) فَإِنَّهُ إنَّمَا يُوَكِّلُ بِالْقَرِينَةِ عَنْ مُوَكِّلِهِ وَكَذَا بِالْإِذْنِ إلَّا أَنْ يَنُصَّ لَهُ فِيهِ عَلَى التَّوْكِيلِ عَنْ نَفْسِهِ
(قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ الْوَكِيلُ) حَيْثُ كَانَ إنَّمَا يُوَكِّلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَنْ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ: الْمُتَوَقَّفِ صِحَّتُهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّؤْيَةِ كَشِرَاءِ مَا فِي الذِّمَّةِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَإِجَارَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا يَقْصِدُ مِنْهُ الِاسْتِنَابَةَ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ مِنْهُ عَيْنَهُ فَقَطْ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِنَفْسِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) وَفَارَقَ إطْلَاقَ السُّلْطَانِ، أَوْ الْقَاضِي لِخَلِيفَتِهِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إعَانَةُ الْخَلِيفَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُوَكِّلِ؛ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُوَلِّي لَهُ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. اهـ. ق ل وم ر أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَكِيلُ نَاظِرًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ كَانَ الثَّانِي نَائِبًا عَنْ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ نَاشِئٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فَيَقَعُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَالثَّانِي وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ) أَيْ إنْ قَصَدَهُ الْوَكِيلُ عَنْ الْمُوَكِّلِ، أَوْ عَيَّنَهُمَا مَعًا، أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَصَدَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ شَيْخُنَا
لَمْ يَصِحَّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ غَيْرَهُ) أَيْ فَيَتَّبِعُ تَعْيِينَهُ إنْ عَلِمَ الْمُوَكِّلُ بِفِسْقِهِ وَإِلَّا امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ مَنْ يَعْلَمُ فِسْقَهُ فَزَادَ فِسْقُهُ امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ ق ل وَم ر (قَوْلُهُ: وَلَا يُوَكِّلُ إلَّا أَمِينًا وَإِنْ عَمَّ لَهُ الْمُوَكِّلُ) كَقَوْلِهِ
وَكِّلْ مَنْ شِئْت كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ الْفَاسِقَ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا وَكَّلَهُ فِي مُجَرَّدِ الْعَقْدِ لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ حَجَرٍ جَوَازُ تَوْكِيلِهِ حِينَئِذٍ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْمَالَ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ع ش
(قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ وَكَّلَ