الَّتِي يُظَلِّلُ بِهَا فَوْقَهُ وَيُسَمَّى مَجْمُوعُهَا فِي الْعُرْفِ مَحَارَةً (وَإِنْ رَحُبَا) أَيْ الشَّارِعُ، أَيْ وَسِعَ بِأَنْ كَانَ مَمَرَّ الْفُرْسَانِ، وَالْقَوَافِلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ نَدَرَ قَدْ يَتَّفِقُ وَيُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يُظْلِمَ الْمَوْضِعُ.

وَقَدْ يُدَّعَى فَهْمُهُ مِنْ لَفْظِ الضَّرَرِ. وَخَرَجَ بِمَا يَضُرُّ مَا لَا يَضُرُّ فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى فِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَكَذَا مَا يَضُرُّ ضَرَرًا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَعَجْنِ الطِّينِ إذَا بَقِيَ مِقْدَارُ الْمُرُورِ لِلنَّاسِ وَإِلْقَاءِ الْحِجَارَةِ فِيهِ لِلْعِمَارَةِ إذَا تُرِكَتْ بِقَدْرِ مُدَّةِ نَقْلِهَا، وَرَبْطًا لِدَوَابَّ فِيهِ بِقَدْرِ حَاجَةِ النُّزُولِ، وَالرُّكُوبِ. نَعَمْ يُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ الْإِشْرَاعِ فِي شَوَارِعِنَا وَإِنْ جَازَ لَهُ اسْتِطْرَاقُهَا كَمَا يُمْنَعُ مِنْ إعْلَاءِ بِنَائِهِ عَلَيْنَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ فِي مَحَالِّهِمْ وَشَوَارِعِهِمْ الْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ فِي دَارِنَا كَمَا فِي رَفْعِ الْبِنَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ إلَى هَوَاءِ الْمَسْجِدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ، وَهَلْ يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ فِي هَوَاءِ الْمَقْبَرَةِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهَا فِي الْمَوَاتِ، أَوْ مُسَبَّلَةً؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا انْتَهَى وَمَنْ وَضَعَ جَنَاحًا عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ قَلَعَهُ الْحَاكِمُ لَا الْآحَادُ عَلَى أَشْبَهِ الْوَجْهَيْنِ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ وَحَيْثُ جَازَ إشْرَاعُ الْجَنَاحِ جَازَ إشْرَاعُهُ فَوْقَ جَنَاحِ جَارِهِ وَتَحْتَهُ وَكَذَا فِي مَوْضِعِهِ إذَا انْهَدَمَ، أَوْ هَدَمَهُ مَالِكُهُ كَمَا لَوْ انْتَقَلَ مِنْ مَوْضِعِ قُعُودِهِ لِلْمُعَامَلَةِ فِي شَارِعٍ يَجُوزُ لِغَيْرِهِ الِارْتِفَاقُ بِمَوْضِعِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَذَا قَالُوهُ. وَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ هُنَاكَ مِنْ اعْتِبَارِ الْإِعْرَاضِ فِي بُطْلَانِ الْحَقِّ بِالِانْتِقَالِ اعْتِبَارُهُ هُنَا انْتَهَى.

وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَاسُوهُ عَلَى انْتِقَالِهِ مِنْ مَوْضِعِ وُقُوفِهِ، أَوْ قُعُودِهِ لِاسْتِرَاحَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَرِدُ الِاعْتِرَاضُ قُلْت وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا فَهِمَهُ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حَقَّ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْهَوَاءِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاعْتِبَارِ ثَمَّةَ الِاعْتِبَارُ هُنَا. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَبَيْنَ الشَّارِعِ وَالطَّرِيقِ اجْتِمَاعٌ وَافْتِرَاقٌ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ عَامٌّ فِي الصَّحَارَى وَالْبُنْيَانِ، وَفِي النَّافِذِ وَغَيْرِهِ، وَالشَّارِعُ خَاصٌّ بِالْبُنْيَانِ وَبِالنَّافِذِ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ بِمَعْنَى الطَّرِيقِ مُقَدَّرًا فِي قَوْلِهِ

(وَغَيْرُ نَافِذٍ) وَزَادَ قَوْلَهُ (لِسَدِّ سُفْلِهِ) إيضَاحًا، أَيْ: وَالشَّارِعُ غَيْرُ النَّافِذِ لِكَوْنِهِ مُنْسَدَّ الْأَسْفَلِ (مِلْكٌ) لِأَهْلِهِ بِأَنْ يَكُونَ (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ) فِيهِ حِصَّةٌ (مِنْ أَوَّلِ الدَّرْبِ) الْمُسَمَّى أَيْضًا بِالسِّكَّةِ بِكَسْرِ السِّينِ (إلَى بَابٍ لَهُ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَرَدُّدِهِ غَالِبًا بِخِلَافِ مَا بَيْنَ بَابِهِ وَأَسْفَلِ الدَّرْبِ وَبِخِلَافِ جَارِ الدَّرْبِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِيهِ بَابٌ.

وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (وَالْجَارُ إذْ) أَيْ وَقْتَ (لَا بَابَ) لَهُ فِيهِ (لَيْسَ أَهْلَهُ) أَيْ لَيْسَ مِنْهُمْ لَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ مِلْكَ أَهْلِهِ لَمَا جَازَ لِغَيْرِهِمْ دُخُولُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَلَالِ الْمُسْتَفَادِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ، وَمِنْهُ مَا قَالَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSفَتَضِيقُ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُظْلِمَ) أَيْ إظْلَامًا يَشُقُّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُمْنَعُ الذِّمِّيُّ) وَأَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ بِمَنْعِهِ مِنْ الْبُرُوزِ فِي الْبَحْرِ بِبِنَائِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ إلَى هَوَاءِ الْمَسْجِدِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْمَنْعِ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ اسْتِدْلَالًا عَلَى جَوَازِ مَا لَا يَضُرُّ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَبَ بِيَدِهِ مِيزَابًا فِي دَارِ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: إنَّ الْمِيزَابَ كَانَ شَارِعًا لِمَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْجَنَاحِ، وَالْمِيزَابِ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي مَوْضِعِهِ إذَا انْهَدَمَ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ بَنَى دَارًا فِي مَوَاتٍ وَأَخْرَجَ لَهَا جَنَاحًا ثُمَّ بَنَى آخَرُ دَارًا بِجَانِبِهِ وَاسْتَمَرَّ الشَّارِعُ فَإِنَّ حَقَّ الْأَوَّلِ يَسْتَمِرُّ وَإِنْ انْهَدَمَ جَنَاحُهُ فَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يُخْرِجَ جَنَاحَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ لِسَبْقِ حَقِّهِ بِالْإِحْيَاءِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ يُفَرَّقُ إلَخْ) وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ مَا حَرُمَ الْبِنَاءُ فِيهَا بِأَنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً، أَوْ اعْتَادَ أَهْلُ الْبَلَدِ الدَّفْنَ فِيهَا يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ فِي هَوَائِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: جَازَ إشْرَاعُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَهُ إخْرَاجُ جَنَاحٍ تَحْتَ جَنَاحِ صَاحِبِهِ أَوْ فَوْقَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارِّ عَلَيْهِ أَوْ مُقَابِلِهِ إنْ لَمْ يَبْطُلْ انْتِفَاعُهُ وَمَنْ سَبَقَ إلَى أَكْثَرِ الْهَوَاءِ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ قُعُودِهِ لِلِاسْتِرَاحَةِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ لِلْمُعَامَلَةِ؟ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ فَهْمِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحِهِ وَمَا نُقِلَ عَنْهُ بِخِلَافِهِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: الْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ) بِأَنْ لَا يُسَاكِنَهُمْ فِيهَا مُسْلِمٌ ق ل (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجُوزُ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر يُعَدُّ ذَلِكَ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ مَا حَرُمَ الْبِنَاءُ فِيهَا بِأَنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً، أَوْ اعْتَادَ أَهْلُ الْبَلَدِ الدَّفْنَ فِيهَا يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ فِي هَوَائِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا. قَالَ ع ش: وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ الْإِشْرَاعِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَا الْآحَادَ) وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ أَحَدٍ مُطَالَبَتُهُ بِإِزَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَوْقَ جَنَاحِ جَارِهِ وَتَحْتَهُ) وَكَذَا مُقَابِلَهُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارِّ بِهِ، أَوْ يُبْطِلَ انْتِفَاعَ جَارِهِ بِجَنَاحِهِ، أَوْ يَحْصُلَ لَهُ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ عَادَةً فَتَأَمَّلْ تَصْوِيرَ كُلِّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي مَوْضِعِهِ) وَإِنْ تَعَذَّرَ مَعَهُ إعَادَةُ الْأَوَّلِ، أَوْ لَمْ يَعْرِضْ صَاحِبُهُ كَمَا لَوْ انْتَقَلَ الْوَاقِفُ فِي الشَّارِعِ لَا لِلْمُعَامَلَةِ مِنْ مَكَانِهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ بِمُجَرَّدِ انْتِقَالِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ هَدَمَهُ مَالِكُهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ هَدَمَهُ الْجَارُ الَّذِي وَضَعَ جَنَاحَهُ فَكَذَلِكَ اهـ م ر وَع ش (قَوْلُهُ: أَقْوَى إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالْقُعُودِ لِلْمُعَامَلَةِ اخْتِصَاصٌ بِالْأَرْضِ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ تُمْلَكَ بِالْإِحْيَاءِ قَصْدًا فَقَوِيَ الْحَقُّ فَثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ مَا دَامَ مُقْبِلًا عَلَى الْقُعُودِ بِخِلَافِ الِاخْتِصَاصِ بِالْهَوَاءِ فَإِنَّهُ اخْتِصَاصٌ بِمَا لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ إلَّا تَبَعًا، وَلَا شَيْءَ يَقْتَضِي التَّبَعِيَّةَ فَضَعُفَ الْحَقُّ فِيهِ. اهـ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِهِ) وَلَوْ مُكْتَرِيًا، أَوْ مُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: جَازَ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) وَيَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ مَنَعُوهُ ع ش وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015