حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، لِمَنْعِهِ مَعْرِفَةَ وَزْنِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَيْعِ: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْقَزِّ وَزْنًا وَفِيهِ الدُّودُ.

وَصَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مَا هُنَا وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ وَالْجَهَالَةُ مَعَهَا تَقِلُّ، بِخِلَافِ السَّلَمِ، فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ وَالْغَرَرُ مَعَهُ يَكْثُرُ، (وَ) لَا فِي (الْمَلْبُوسِ) كَقَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ مَغْسُولًا أَوْ غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ فَأَشْبَهَ الْجِبَابَ وَالْخِفَافَ الْمُطْبَقَةَ وَالْقَلَانِسَ وَالثِّيَابَ الْمَنْقُوشَةَ، بِخِلَافِ الْجَدِيدِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ كِفَايَتِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْهُ مِنْ جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْقُمُصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ، وَمَا فِيهِمَا فِي الْخَلْعِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِهِ فِيهَا وَفِيهِمَا عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمَنَافِعِ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، وَمَحَلُّهُ فِي الْمَنَافِعِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ كَمَا صَرَّحَا بِهِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ (بِلُغَةٍ) أَيْ: مَعْلُومِ الصِّفَاتِ مَعَ ذِكْرِهَا بِلُغَةٍ (يَعْرِفُهَا عَدْلَانِ) لِيُرْجَعَ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَعْرِفَتِهَا الِاسْتِفَاضَةُ وَلَا يَكْفِي الْوَاحِدُ، وَلَوْ عَدْلًا، وَلَا غَيْرَ عَدْلٍ، وَإِنْ تَعَدَّدَ فَتَعْبِيرُهُ بِعَدْلَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِغَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ.

وَزَادَ عَلَيْهِ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ عِلْمِ الصِّفَاتِ بِقَوْلِهِ (كَالْحُكْمِ فِي صِفَاتِهِ) وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ (وذان) أَيْ: الْعَاقِدَانِ كَانَ أَوْلَى، إذْ الْمَعْنَى بِلُغَةٍ يَعْرِفُهَا عَدْلَانِ وَالْعَاقِدَانِ كَالْحَكَمِ فِي صِفَاتِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهَا عَدْلَانِ وَالْعَاقِدَانِ، فَلَوْ جَهِلَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ عَرَفَاهَا لَكِنْ جَهِلَهَا غَيْرُهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ التَّأْقِيتِ بِالْفِصْحِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ مَعْرِفَتُهُمَا أَوْ مَعْرِفَةُ عَدْلَيْنِ غَيْرِهِمَا كَمَا مَرَّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ وَهُنَا إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَجَازَ أَنْ يُحْتَمَلَ هُنَاكَ مَا لَا يُحْتَمَلُ هُنَا، وَيُشْتَرَطَ كَوْنُهُ (مُنْضَبِطًا صِفَاتُهُ) الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا، (وَإِنْ خُلِطْ) بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: مَعْلُومِ صِفَاتٍ إلَى آخِرِهِ، إذْ لَوْ لَمْ تَنْضَبِطْ صِفَاتُهُ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً، فَلَوْ فَرَّعَهُ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى بِأَنْ يَقُولَ: مَعْلُومُ صِفَاتٍ يَخْتَلِفُ فِيهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا مَذْكُورَةٌ فِي الْعَقْدِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعِزُّ بِهِ وُجُودُهُ، فَيَصِحُّ فِيمَا تَنْضَبِطُ صِفَاتُهُ (كَالْخَزِّ) مِنْ الثِّيَابِ، وَهُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْ إبْرَيْسَمَ وَوَبَرٍ أَوْ صُوفٍ (وَالشَّهْدِ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا، وَهُوَ الْعَسَلُ بِشَمْعِهِ خِلْقَةً (وَجُبْنٍ وَأَقِطٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ مَعَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودِ الْمِلْحُ وَالْإِنْفَحَةُ مِنْ مَصَالِحِهِ، وَيَزِيدُ الْأَقِطُ بِيَسِيرِ دَقِيقٍ، وَيُذْكَرُ فِيهِمَا مَعَ النَّوْعِ الْبَلَدُ وَرُطَبًا أَوْ يَابِسًا، وَقَوْلُهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ: فِي الْأَرْبَعَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمُقَابِلُهُ يَنْفِي الِانْضِبَاطَ، بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَبَرِ أَوْ الصُّوفِ وَالشَّمْعِ وَالْمِلْحِ وَالْإِنْفَحَةِ وَالدَّقِيقِ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ.

(وَكَذَا الْعَتَّابِي) مِنْ الثِّيَابِ، وَهُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْ قُطْنٍ وَحَرِيرٍ (وَخَلُّ مَا جَفَّ مِنْ الْأَعْنَابِ) أَيْ: خَلُّ الزَّبِيبِ (وَالتَّمْرُ) ، وَهُوَ الْحَاصِلُ مِنْ اخْتِلَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْمَاءِ. (وَالْمَخِيضُ عَنْ مَاءٍ خَلَا) دُونَ مَا لَا يَخْلُو عَنْهُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ، بِخِلَافِ خَلِّ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قِوَامُهُ، وَدُونَ اللَّبَنِ الْحَامِضُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْحُمُوضَةِ، وَلِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ فِيهِ، وَلَا يَضُرُّ وَصْفُ الْمَخِيضِ بِالْحُمُوضَةِ؛ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْتَلِطَ الَّذِي يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مَا كَانَ مُنْضَبِطًا، بِأَنْ كَانَ اخْتِلَاطُهُ خِلْقِيًّا كَالشَّهْدِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ كَالْحُكْمِ فِي صِفَاتِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا وَثَمَّ عَدْلَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ يَغِيبَا فِي وَقْتِ الْمَحَلِّ فَيَتَعَذَّرَ مَعْرِفَتُهَا، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يُوجَدَ أَبَدًا فِي الْغَالِبِ مِمَّنْ يُعْرَفُ عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرُ اهـ. (قَوْلُهُ دُونَ مَا لَا يَخْلُو عَنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ؛ وَلِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَصْفُ الْمَخِيضِ) أَيْ الَّذِي لَا مَاءَ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ) أَيْ فَلَمْ تَكُنْ عَيْبًا (قَوْلُهُ كَالشَّهْدِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: مُنْضَبِطٌ (قَوْلُهُ وَالْعَتَّابِيُّ) فِي الْقُوتِ نَقْلًا عَنْ جَمَاعَةٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْضِبَاطِ هُنَا كَوْنُ اللُّحْمَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالسَّدَى مِنْ الْآخَرِ، وَأَمَّا مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ كُلِّ جُزْءٍ وَزْنًا، فَلَيْسَ بِشَرْطٍ وَنُقِلَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ عَنْ عِبَارَةِ الذَّخَائِرِ وَالشَّامِلِ وَغَيْرِهِمَا بِرّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفَرَّقَ غَيْرُهُ إلَخْ) اعْتَمَدُوا هَذَا الْفَرْقَ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْأُرْزِ فِي قِشْرِهِ دُونَ السَّلَمِ فِيهِ، لَكِنْ جَزَمَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ هُنَا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مَعَ اعْتِمَادِهِ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ فِي الْأُرْزِ. (قَوْلُهُ دُونَ مَا لَا يَخْلُو عَنْهُ) أَيْ وَكَانَ مِقْدَارُ الْمَاءِ مَجْهُولًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِقْدَارُ كُلٍّ مِنْ اللَّبَنِ وَالْمَاءِ مَعْلُومًا، بِأَنْ عُيِّنَ مِقْدَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ فِيهِ) الْأَوْلَى تَرْكُ الْوَاوِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ انْضِبَاطِ الْحُمُوضَةِ إذَا كَانَتْ مَقْصُودَةً لَا يَضُرُّ كَمَا فِي الْمَخِيضِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ عَيْبًا، فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَيَضُرُّ عَدَمُ انْضِبَاطِهَا لِعَدَمِ قَصْدِ أَيِّ فَرْدٍ مِنْهَا تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ فِيهِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهَذَا التَّعْلِيلِ؟ مَعَ أَنَّهُ إذَا انْضَبَطَ الْعَيْبُ كَالْعَمَى صَحَّ السَّلَمُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَا يَصِحُّ فِي حَامِضِ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ، إلَّا فِي مَخِيضٍ لَا مَاءَ فِيهِ فَيَصِحُّ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ وَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ؛ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ اهـ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ قَبْلَ ذَلِكَ: سَبَبُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَخِيضِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ عَدَمُ انْضِبَاطِ حُمُوضَتِهِ، فَإِنَّهُ عَيْبٌ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ) أَيْ: فَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا مَقْصُودٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ كَالشَّهْدِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْعَسَلِ الْمُخْتَلِطِ بِالشَّمْعِ، وَبِهِ قَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015