ثمَّ أَشَارَ النَّاظِم إِلَى مثالين لَهُ أَحدهمَا: فى الصَّحَابَة وَهُوَ رِوَايَة كلا من أَبى هُرَيْرَة وَعَائِشَة الصديقة - رضى الله عَنْهُمَا - عَن الآخر فى تابعى التَّابِعين، وَهُوَ رِوَايَة كلا من الأوزعى، وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن عمر الأوزعى الشامى وَمَالك بن أنس - رحمهمَا الله تَعَالَى - عَن الآخر.
وَكَذَلِكَ روى التابعيان كلا من الزهرى، وَعمر بن عبد الْعَزِيز، عَن الْأُخَر.
وَمن أَتبَاع الِاتِّبَاع كل من أَحْمد، وَابْن المدينى عَن الآخر، وفى الْمُتَأَخِّرين كل من المزى والبزارالي إِلَى أَحدهمَا عَن الآخر، طول مَعَ كَونه أفرد بالتأليف وَقد روى أحد القرينين عَن الآخر دون عَكسه كسليمان التيمى، حَيْثُ روى مسعر، وَلَا يعلم لمسعر عَن التيمى رِوَايَة، وهما قرينان، وَرُبمَا اجْتمعَا ثَلَاثَة، بل أَرْبَعَة من الأقران فى سلسلة، وَقَوله: [مثل أَبى هر] هُوَ بالتنكير والتذكير، نقلا من التَّأْنِيث والتصغير وَقَوله: [لاوزاع] اسْتَعْملهُ بِنَقْل حَرَكَة همزته إِلَى السَّاكِن قبلهَا، وَحذف الْهمزَة الأولى مَعَ با النِّسْبَة للضَّرُورَة.
(190 - (ص) وَإِن يكن بَينهمَا بعد مدى ... طبقَة ورتبة وأسندا)
(191 - أَعلَى عَن أدنى فَهُوَ الأكابر ... يرْوى عَن الْأَوَاخِر الأصاغر)
(192 - مثل النبى عَن تَمِيم الدارى ... وَمَالك عَنهُ روى الأنصارى)
(ش) : إِذا كَانَ بَين الرِّوَايَتَيْنِ غَايَة بعيدَة، وهى الْمعبر عَنْهَا بقوله: [بعد مدى] لِأَن المدى الْغَايَة، وَذَلِكَ الْبعد، إِمَّا أَن يكون الراوى أقدم طبقَة، وأكبر سنا من المروى عَنهُ، وَإِمَّا أَن يكون فى الرُّتْبَة فَقَط، بِأَن يكون أكبر قدرا فى الْحِفْظ وَالْعلم والإتقان عَن المروى عَنهُ، وَإِمَّا أَن يكون فيهمَا مَعًا، وَاقْتصر النَّاظِم على التَّصْرِيح بِهِ، وَأسْندَ الْأَعْلَى من هَذِه الْأَقْسَام عَن الْأَدْنَى، فَهَذَا يُسمى رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر، وَهُوَ مَعَ الثَّلَاثَة بعده، طول