برك كَمَا يبرك الْبَعِير، لَكِن قد ادّعى بَعضهم فى هَذَا النّسخ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يكون من هَذَا الْبَاب، كَمَا فعل ابْن خُزَيْمَة فى ثَالِث الْأَحَادِيث إِذا قَالَ: لَا تضَاد بَين الْحَدِيثين لخبرين، إِذْ من الْجَائِز أَن يكون النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] جعل الْأَذَان بِاللَّيْلِ تناولا بَين بِلَال، وَبَين ابْن أم مَكْتُوم، فحين يكون نوبَة أَحدهمَا لَيْلًا يكون نوبَة الآخر عِنْد طُلُوع الْفجْر، وفى الخبران على حسب الْحَالين، وَأخذ هَذَا ابْن حبَان وَجزم بِهِ، فَقَالَ: لَيْسَ بَين الْخَبَرَيْنِ تضَاد، قَالَ شَيخنَا: وَهَذَا بعيد، وَلَو فتحنا بَاب التَّأْوِيل لَا ندفع كثير من علل الْمُحدثين. انْتهى.
وَقد أفرد الْجلَال البلقينى - رَحمَه الله - كثيرا من أَمْثِلَة هَذَا النَّوْع، لَكِن لَا نطيل بإيراداها، وأسلفت قَرِيبا فى المقلوب عَن شَيخنَا، أَنه جعل هَذِه الْأَمْثِلَة للمقلوب، وَمَا كَانَ فى الروَاة سَمَّاهُ الْمُبدل، فعلى هَذَا يكون عِنْد كل من النَّاظِم وَشَيخنَا نوع لم يذكرهُ ابْن الصّلاح.
(188 - (ص) تدبيجهم أَن يرْوى القرين ... عَن مثله وَهُوَ لَهُ يدين)
(189 - مثل أَبى هر مَعَ الصديقة ... لأوزاع مَعَ مالكهم حَقِيقَة)
(ش) : التدبيج بِالدَّال الْمُهْملَة وَالْجِيم: هُوَ أَن يرْوى القرين عَن مثله، والقرين المروى عَن قرينه. [يدين] أى يجازى، يُقَال: " كَمَا تدن تدان "، كَمَا تجازى بفعلك، أَو بِحَسب مَا عملت فَالْحَاصِل: أَنه رِوَايَة كل من القرينين عَن الآخر، مَأْخُوذ من ديباجتى الْوَجْه، وهما صفحتا الْخَدين.
قَالَ ابْن الصّلاح: المدبج رِوَايَة الأقران بَعضهم عَن بعض، وهم المتقاربون فى السن والإسناد، وَرُبمَا اكْتفى الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِيهِ بالتقارب فى الْإِسْنَاد، وَإِن لم يُوجد فِيهِ السن.