هذه الوسائل تنطلق من قاعدة (تيسير القرآن للذكر)، فما دام القرآن ميسرا للذكر فلابد أن تكون وسائل الانتفاع به ميسرة للجميع.
هذه الوسائل على سبيل الإجمال هي:
1 - المداومة على التلاوة اليومية.
2 - تهيئة الجو المناسب.
3 - التركيز مع القراءة.
4 - أن نجعل المعنى هو المقصود.
5 - التجاوب مع القراءة.
6 - ترديد الآية التي تؤثر في القلب.
7 - استصحاب معنى من المعاني الإيمانية.
وقبل أن نتحدث في شرح وبيان هذه الوسائل هناك أمر جدير أن نلفت الانتباه إليه، وهو أن هذه الوسائل السبع تخص القارئ للقرآن، أما السامع فعليه أن يأخذ منها قدر المستطاع لتتحقق له الفائدة المرجوة من هذه المعجزة الكبرى.
قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204].
ويقول ابن عباس: من سمع آية من كتاب الله عز وجل تتلى كانت له نورا يوم القيامة (?).
لكي يحقق القرآن هدفه معنا - فيهدينا إلى الصراط المستقيم، ويثبتنا عليه، ويغير ما بأنفسنا، ويجعلنا في حالة دائمة من التبصر والتذكر - لابد أن تستمر ماكيناته في العمل بصورة دائمة، ولفترة طويلة، فالتغيير القرآني تغيير بطيئ، هادئ، متصاعد، ولكي يؤتي ثماره لابد من استمرارية التعامل معه، فلا يصح ترك قراءة القرآن يوما من الأيام وإلا تضاءل الأثر المترتب عليها.
فلنداوم على التلاوة اليومية ولفترات طويلة، ليلا ونهارا، سفرا وحضرا .. ولتكن تلاوة مرتلة بطئية، ولا يكن هم القارئ متى سينتهي من السورة أو الورد، بل ليكن همه متى يتجاوب قلبه، ويخشع فؤاده، وتدمع عيناه.
أما بالنسبة للأوقات المفضلة للقراءة فيقول عنها النووي في كتاب الأذكار:
اعلم أن أفضل القراءة ما كان في الصلاة، وأما القراءة في غير الصلاة فأفضلها قراءة الليل، والنصف الأخير منه أفضل من الأول، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة، وأما قراءة النهار فأفضلها ما كان بعد صلاة الصبح، ولا كراهة في القراءة في وقت من الأوقات ولا في أوقات النهي عن الصلاة (?).
لكي يقوم القرآن بعمله في التغيير لابد من تهيئة الظروف المناسبة لاستقباله، ومن ذلك وجود مكان هادئ بعيد عن الضوضاء يتم فيه لقاؤنا به، فالمكان الهادئ يعين على التركيز وحسن الفهم وسرعة التجاوب مع القراءة، ويسمح لنا كذلك بالتعبير عن مشاعرنا إذا ما استثيرت بالبكاء والدعاء.
ومع وجود المكان الهادئ علينا أن يكون لقائنا بالقرآن في وقت النشاط والتركيز لا في وقت التعب والرغبة في النوم، ولا ننسى الوضوء والسواك.
نريد أن نقرأ القرآن كما نقرأ أي كتاب - كحد أدنى - فعندما نشرع في قراءة كتاب أو مجلة أو جريدة فإننا نعقل ما نقرؤه، وإذا ما سرحنا في موضع من المواضع عُدنا بأعيننا إلى الوراء، وأعدنا قراءة ما فات على عقولنا، وما دفعنا إلى ذلك إلا لتفهم المراد من الكلام.
هذا ما نريده مع القرآن: أن نقرأه بحضور ذهن، فإذا ما سرحنا في وقت من الأوقات علينا أن نعيد الآيات التي شرد فيها ذهننا.
نعم في البداية سنجد صعوبة في تطبيق هذه الوسيلة بسبب تعودنا على التعامل مع القرآن كألفاظ مجردة من معانيها، ولكن بالمدوامة والمثابرة سنعتاد بمشيئة الله القراءة بتركيز وبدون سرحان.
ولنتذكر دائما قول الله عز وجل: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204].