تاب، وأفتى بعضُ الشيعة بذلك الأمير الباقر بن محمد الهادوي، فغضب من ذلك، وأقسم لا كَفَرَ بالله أبداً وإن عذَّبه، فرحمه اللهُ إني لأرجو له المغفرة بهذا وحده. فإن كانوا قالوا ذلك بمحض العقل، فإن فِطَر عقول العقلاء تُنكر ذلك بدليل ما عليه من لم يتلقن علم الكلام، والامتحان للعقلاء بالسؤال عن ذلك يوضِّحُ ما ذكرت، وإن كانوا قالوا ذلك من أجل التصديق للسمع والإيمان بأن العمومات لا تُخصَّصُ، فإن الإيمان بعموم الوعد بالرحمة والمغفرة، وخصوص الإخراج من النار لمن دخلها من الموحدين كالقاتل ولو على سبيل التجويز من غير قطعٍ بذلك، آكدُ من الإيمان بعموم الوعيد، لأن إخلاف الوعد بالخير فيه قبيحٌ بإجماع الخصوم، وإخلاف الوعيد بالشر مختلفٌ فيه، فإن كان تأويلهم لبعض الوعد تفسيراً لا تكذيباً، كان تأويل أهل السنة لبعض الوعيد كذلك، وإن كان تأويل بعض الوعيد عندهم تكذيباً، ونسبة للخلف إلى الله تعالى كان تأويلهم (?) لبعض الوعد كذلك وقد أجمعنا على أن من حَلَفَ على الوعيد استُحبَّ له الحِنْثُ والتكفير عن يمينه، وصحت فيه النصوص، وتلقتها الأمة بالقبول، وسمته العرب في أشعارها عفواً لا كذباً ولا خُلْفاً، كما قال قائلهم وهو كعب بن زهيرٍ في قصيدته المشهورة في النبي - صلى الله عليه وسلم -:

نُبِّئْتُ أن رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمولُ (?)

ولم يقل: والخُلْفُ عند رسول الله مأمولٌ، والمختار لنا أن نقول: إن الله تعالى منزه عن ذلك، ولا يجوز لعلمه السابق عند الوعيد بالعواقب الحميدة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015