الوجه الثامن: ما يذكره أهل علم الكلام أو بعضُهم من النظر العقلي، لأنه يلزَمُ من ذلك بُطلان التكليف، لأن التكليف مبنيٌّ على الابتلاء، لقوله تعالى في غير آية: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7]، و [الملك: 2]، والابتلاء لا يصحُّ إلاَّ مع بقاء الدواعي، والصوارف، والخوف، والرجاء، والقنوط يبطل ذلك، وربما قالوا: إن ذلك يؤدي إلى تكليف ما لا يطاق، وهو ممنوعٌ كما ذلك مُقرَّرٌ في مواضعه، وإنما كان يُؤدي إلى ذلك، لأنه مخاطبٌ بطاعة الله ما دام في دار التكليف، فوجب أن يكون له إليها طريق، ولا طريق له إليها إلاَّ بالتوبة، وبذل ما يجبُ، وهذا واضحٌ والحمد لله وحده.
القول الثاني: إن القاتل المتعمد كافرٌ، لأنه عصى الله تعالى عمداً، وكل من عصى الله متعمداً (?) فهو كافر، وهذا هو قول الخوارج، وهو مخالفٌ لما عُلِمَ من ضرورة الدين وإجماع المسلمين قبلهم وبعدهم، وقد انقرضوا ولله الحمد.
القول الثالث: أن صاحب الكبيرة منافق، لأنه لو كان مؤمناً لمنعه (?) الإيمانُ بالله وجلاله ووعيده من ارتكابها، وهذا مرويٌّ عن الحسن البصري، وقد انقطع وانقرض خلافه أيضاً، وقد عُلِمَ من الدين خلافه، وقد أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحدود على المسلمين، ولا حدَّ على كافرٍ، ولا منافق، وقد صح أنها كفارات لأهلها (?)، ولا كفارة لكافر ولا منافق، وسيأتي في الرد على من قال بكُفرِ القاتل