فجعلا القدر مقابلاً للجبر وضده، وذلك في كلام السلف كثير إذا تُتُبِّعَ، واللغة تَثْبُتُ بأقلَّ من ذلك.

وأما الجوابُ عما أورده المرتضى في حكايته، فهو ما تقدم في الفائدة الثانية من أن إثبات القدر لا يستلزم نفي القدرة، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149] وقد مرَّ تقريره في ردِّ شبه المعتزلة في آخر مسألة الإرادة.

ومن أخصر ما يعارضون به أنهم يَصِفون الرب سبحانه بالقدرة على الكذب وجميع القبائح، ويمنعون من تجويز وقوع ذلك منه، ويوجبون استحقاقه المدح على تركها، فدل على صحة القدرة على الممتنع وصحة الثناء والذم عليها.

وإنما معنى القدر القطع بوقوع أحد المقدورين بدليل أنه جارٍ في أفعاله تعالى لقوله: {كانَ على رَبِّكَ حَتْماً مَقضياً} [مريم: 71]، بل شرط القدر أن يكون في المقدورات دون المحالات، فلا يقال: إن الله قد قدر على الجماد المعدوم ترك المعاصي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015