الله عز وجل: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} [القيامة: 24، 25].

ومعلومٌ أن الوجوه لا تظُنُّ، وإنما أصحاب الوجوه يظنون، وهذا هو التَّأويلُ الأول، والكلام عليه.

وأما التأويل الثاني، فهو أن النظر بمعنى تقليب الحدقة الصحيحة، فكأنه قال تعالى: وجوهٌ يومئذٍ ناضرة إلى ثواب ربها ناظرة. ذكر نفسه، وأراد غيره، كما قال في موضعٍ آخر: {واسألِ القريَةَ} [يوسف: 82] يعني: أهل القرية.

وقال: {إني ذَاهبٌ إلى رَبِّي} [الصافات: 99] أي: إلى حيث أمرني ربي، وقال تعالى: {وجاء ربُّك} [الفجر: 22] أي: أمر ربك. وقال الشاعر (?):

هلاَّ سألتِ الخيلَ يا ابنة (?) مالكٍ ... إن كُنْتِ جاهلة بما لم تعلمي (?)

أي: أرباب الخيل، وقال جميل:

سَلِ الرَّبْعَ أنَّى يَمَّمَتْ أمُّ مالكٍ ... وهل عادةٌ للربع أن يَتَكَلَّما (?)

فكِلا التأويلين مرويَّان عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وعن عبد الله بن العباس، وجماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم.

قالوا على التأويل الأول: هذه الآية وردت في شأن أهل الجنة، فكيف يجوز أن تكون بمعنى الانتظار؟! لأن الانتظار (?) يورِثُ الغمَّ والمشقَّة، ويؤدي إلى التَّنغيص (?) والتكدير، حتَّى يقال في المثل: الانتظارُ يُورِثُ الاصفرار،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015