على من لا يُحْسِنُ الجدالَ عن الحق تركُه.
فإذا تقرَّر هذا، فاعلم أنَّ أصل الخلاف في مسألة القرآن في زمن التابعين، وذلك أن المسلمين ما زالوا على أنَّ الله تعالى متكلمٌ (?)، وأن له كلاماً (?) على ظاهر ذلك (?) من غير تأويلٍ ولا تشبيهٍ (?)، تصديقاً للنُّصوص القرآنية، مثل قوله تعالى: {وكلَّمَ اللهُ موسى تكليماً} [النساء: 164]، وقوله سبحانه: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بعضٍ منهُم مَنْ كَلَّمَ اللهُ} [البقرة: 253] برفع الله، أي: من كلَّمه الله (?)، وهي من أبين الآيات في الفرق بين الوحي والكلام، لأن الله أوحى إلى كُلِّ نبيٍّ، وخصَّ بعضهم بالتكليم (?)، وفضَّله بذلك.
وقوله تعالى: {وإنْ أحدٌ من المشركين استجارَكَ فأجِرْهُ حتى يسمَعَ كلامَ اللهِ} [التوبة: 6].
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} [الشورى: 51].
وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 174].