يتكلَّمْ في هذه المسأَلَةِ القاسم والهادي عليهما السلام وأمثالهما من مُتَقَدمي الأئِمة، وأكثَرُ مَنْ تكلم فيها ووسع القولَ علماءُ الأصول، منهمُ السيدُ أبو طالب في كتاب " المجزىء "، فإنَّه تكلم في المسألة، ووسعَ القول، وذكر حُجَجَ الفَريقَيْنِ، ثُمَّ قال: وفيما ذكرناه تنبيه على طريق النَّظَرِ في المسألَة، فأشار عليه السَّلامُ إلى جواز الأمْريْنِ. وقال في أوَّل المسألة: ذهب بعضهم إلى أنَّ خبرَ الواحِدِ لا يُقْبَلُ فيه -يعني فيما تعُمُّ به البَلْوى- وإنَّما يُقْبَلُ مَا يَشيعُ نَقْلُه، ويجبُ العلمُ (?) به، وهو قول أكثَرِ أصحابِ أبي حنيفَة، وإليه ذهب شيخُنا أبو عبد الله، وحكاه عن أبي الحسنِ الكرْخي (?). وطريقُ نصْرَةِ القول الأولِ ما ذكره شيخُنا أبو عبد الله واعتمده، فإنه بَلَغَ في نصْرَةِ هذه المسألة نهاية ما في الوُسْع، فغايةُ أمرِ غَيْرِه مِمنْ ينْصُر هذه المسألة أنْ يفهم كلامَه، وما رواه فيها (?) استدلالاً وانفصالاً عَنِ الأسئلة والمُعارَضَاتِ. انتهى كلامه عليه السلام.
والقصد بإيرادِهِ بيانُ أنهُ كلامُ مَنْ يجوز للمختارِ أن يختارَ ذلِكَ، ولا يَحْرَجُ فيه. فإذا ثبت هذا، كانَ منَ الجائِز أنْ يترك العمَلَ بخبر الواحد في هذِهِ المسأَلَةِ، لأنَّها مِمَّا تعُمُّ به البلوى، لا لأنَّ الفُساقَ أرجَحُ عنْذنَا مِنْ أَئِمَّةِ التقْوَى، فيجبُ على هذا أن لو كان الجَهْرُ بالبَسْمَلَةِ واجباً، أن يتواتر